وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ «مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ بِهَا»
ــ
١٦٧١ - ١٦٢١ - (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهْرِيِّ (عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ) بْنِ الْعَوَّامِ ( «عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ» ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ الثَّقِيلَةِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَأَيُّهُمْ فَاعِلُ خُيِّرَ لِيَكُونَ أَعَمَّ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْمَخْلُوقِينَ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُخَيِّرَ لَهُ هُوَ اللَّهُ فِيمَا كَلَّفَ أُمَّتَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ أَوِ النَّاسَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ قَوْلُهُ " «مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا» " اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الِاسْتِثْنَاءُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ (فِي أَمْرَيْنِ) وَلِلتِّنِّيسِيِّ وَالْقَعْنَبِيِّ: بَيْنَ أَمْرَيْنِ (قَطُّ) قَالَ الْحَافِظُ: أَيْ: مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: «مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا» لِأَنَّ أُمُورَ الدِّينِ لَا إِثْمَ فِيهَا ( «إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا» ) أَيْ: أَسْهَلَهُمَا (مَا لَمْ يَكُنِ) الْأَيْسَرُ (إِثْمًا) أَيْ: مُفْضِيًا لِلْإِثْمِ (فَإِنْ كَانَ) الْأَيْسَرُ ( «إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ» ) وَيُخْتَارُ الْأَشَدُّ حِينَئِذٍ وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَنَسٍ: " «إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ فِيهِ سُخْطٍ» وَوُقُوعُ التَّخْيِيرِ بَيْنَ مَا فِيهِ إِثْمٌ وَمَا لَا إِثْمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ الْمَخْلُوقِينَ وَاضِحٌ.
وَأَمَّا مِنْ قِبَلِ اللَّهِ فَفِيهِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute