للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَطُّ فَمَنَعَهُ إِلَّا أَنْ يُسْأَلَ مَأْثَمًا، وَلَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ فَيَكُونَ اللَّهُ يَنْتَقِمُ» " الْحَدِيثَ.

وَهَذَا السِّيَاقُ سِوَى صَدْرِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِهِ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى تَرْكِ الْأَخْذِ بِالشَّيْءِ الْعَسِيرِ وَالِاقْتِنَاعِ بِالْيَسِيرِ وَتَرْكِ الْإِلْحَاحِ فِيمَا لَا يُضْطَرُّ إِلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ نَدْبُ الْأَخْذِ بِالرُّخَصِ مَا لَمْ يَظْهَرِ الْخَطَأُ، وَالْحَثُّ عَلَى الْعَفْوِ إِلَّا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالنَّدْبُ إِلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُفْضِ إِلَى مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ، وَفِيهِ تَرْكُ الْحُكْمِ لِلنَّفْسِ وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ مُتَمَكِّنًا مِنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ يُؤْمَنُ مِنْهُ الْحَيْفُ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لَكِنْ لِحَسْمِ الْمَادَّةِ، وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّبْرِ وَالْحِلْمِ وَالْقِيَامِ بِالْحَقِّ وَهَذَا هُوَ الْخُلُقُ الْحَسَنُ الْمَحْمُودُ ; لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْقِيَامَ لِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ كَانَ ذَلِكَ مَهَانَةً، وَلَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ صَبْرٌ، وَكَانَ هَذَا الْخُلُقُ بَطْشًا، فَانْتَفَى عَنْهُ الطَّرَفَانِ الْمَذْمُومَانِ وَبَقِيَ الْوَسَطُ وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا.

وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصِّفَةِ النَّبَوِيَّةِ عَنِ التِّنِّيسِيِّ، وَفِي الْأَدَبِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَيُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَتَابَعَهُ هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ كُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>