للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الْإِيمَانِ»

ــ

١٦٧٩ - ١٦٢٩ - (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) التَّابِعِيِّ الْجَلِيلِ أَحَدِ الْفُقَهَاءِ بِالْمَدِينَةِ (عَنْ) أَبِيهِ (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) بْنِ الْخَطَّابِ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ) زَادَ التِّنِّيسِيُّ: مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ: " مَرَّ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ " وَمَرَّ بِمَعْنَى اجْتَازَ يُعَدَّى بِعَلَى وَبِالْبَاءِ، وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا وَلَا خُلْفَ فَلَمَّا مَرَّ بِهِ سَمِعَهُ " ( «وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ» ) نَسَبًا أَوْ دِينًا، قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَعْرِفِ اسْمَ الْوَاعِظِ وَلَا أَخِيهِ (فِي الْحَيَاءِ) قَالَ الْبَاجِيُّ: أَيْ: يَلُومُهُ عَلَى كَثْرَتِهِ وَأَنَّهُ أَضَرَّ بِهِ وَمَنَعَهُ مِنْ بُلُوغِ حَاجَتِهِ انْتَهَى.

وَهَذَا حَسَنٌ مُوَافِقٌ لِمَا فِي طَرِيقٍ آخَرَ.

قَالَ الْحَافِظُ: قَوْلُهُ يَعِظُ، أَيْ: يَنْصَحُ أَوْ يُخَوِّفُ أَوْ يُذَكِّرُ كَذَا شَرَحُوهُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُشْرَحَ بِمَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَلَفْظُهُ: «يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ» يَقُولُ إِنَّكَ لَتَسْتَحِي؛ حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ أَضَرَّ بِكَ الْحَيَاءُ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ لَهُ الْعِتَابَ وَالْوَعْظَ فَذَكَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْآخَرُ، لَكِنَّ الْمَخْرَجَ مُتَّحِدٌ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ بِحَسَبَ مَا اعْتُقِدَ أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ مِنْهَا يَقُومُ مَقَامَ الْآخَرِ وَ " فِي " سَبَبِيَّةٌ، فَكَأَنَّ الرَّجُلَ كَانَ كَثِيرَ الْحَيَاءِ فَكَانَ ذَلِكَ يَمْنَعُهُ عَنِ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ فَعَاتَبَهُ أَخُوهُ عَلَى ذَلِكَ.

( «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْهُ» ) أَيِ اتْرُكْهُ عَلَى هَذَا الْخُلُقِ السَّنِيِّ، ثُمَّ زَادَهُ تَرْغِيبًا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ( «فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ» ) قَالَ الْبَاجِيُّ: أَيْ: مِنْ شَرَائِعِهِ انْتَهَى.

وَ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: " «الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» ".

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا إِنَّمَا صَارَ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ الْمُكْتَسَبِ وَهُوَ جِبِلَّةٌ لِمَا يُفِيدُ مِنَ الْكَفِّ عَمَّا لَا يَحْسُنُ، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِفَائِدَتِهِ عَلَى أَحَدِ قِسْمَيِ الْمَجَازِ.

وَقَالَ الْحَافِظُ: وَإِذَا كَانَ الْحَيَاءُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنِ اسْتِيفَاءِ حَقِّ نَفْسِهِ جَرَّ لَهُ ذَلِكَ تَحْصِيلَ أَجْرِ ذَلِكَ الْحَقِّ لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ لَهُ مُسْتَحِقًّا.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيَاءَ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنِ ارْتِكَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>