للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قَالَ مَالِكٌ: لَا أَحْسِبُ التَّدَابُرَ) أَيْ: مَعْنَاهُ فِي الْحَدِيثِ (إِلَّا الْإِعْرَاضَ عَنْ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ) وَتَرْكَ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ وَنَحْوِهِمَا (فَتُدْبِرَ عَنْهُ بِوَجْهِكَ) لِأَنَّ مَنْ أَبْغَضْتَهُ أَعْرَضْتَ عَنْهُ وَمَنْ أَعْرَضْتَ عَنْهُ وَلَّيْتَهُ دُبُرَكَ، وَكَذَلِكَ يَصْنَعُ هُوَ بِكَ.

وَمَنْ أَحْبَبْتَهُ أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ وَوَاجَهْتَهُ لِتَسُرَّهُ وَيَسُرَّكَ، فَمَعْنَى تَدَابَرُوا وَتَقَاطَعُوا وَتَبَاغَضُوا مَعْنًى مُتَدَاخِلٌ مُتَقَارِبٌ كَالْمَعْنَى الْوَاحِدِ فِي النَّدْبِ إِلَى التَّوَاخِي وَالتَّحَابُبِ، فَبِذَلِكَ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرُهُ لِلْوُجُوبِ إِلَّا لِدَلِيلٍ يُخْرِجُهُ إِلَى النَّدْبِ كَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ، وَظَاهِرُهُ التَّنَافِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْأَمْرِ اهـ، أَيْ: أَنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ فَيَجِبُ تَرْكُهُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ التَّوَاخِي وَالتَّحَابُبُ، قَالَ: وَقَدْ زَادَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مَالِكٍ عَقِبَ قَوْلِهِ «وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَنَافَسُوا» قَالَ حَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ: لَا أَعْلَمَ أَحَدًا قَالَهَا غَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ شُعَيْبٌ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَالزُّبَيْدِيُّ وَيُونُسُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَزَادَ: " وَلَا تَقَاطَعُوا " وَمَعْمَرٌ أَرْبَعَتُهُمْ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالْخَمْسَةُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَلَهُ طُرُقٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>