الْحَاصِلَةِ فِيهَا، وَمَقَامَ تَخْوِيفٍ؛ حُمِلَتِ الْفِتَنُ عَلَى الْعَذَابِ، وَبُعْدُهُ لَا يَخْفَى (كَمْ مِنْ) نَفْسٍ (كَاسِيَةٍ) لَابِسَةٍ (فِي الدُّنْيَا) أَثْوَابًا رَقِيقَةً لَا تَمْنَعُ إِدْرَاكَ الْبَشَرَةِ أَوْ نَفِيسَةً (عَارِيَةٌ) بِخِفَّةِ الْيَاءِ وَالْجَرِّ وَالرَّفْعِ، أَيْ: وَهِيَ عَارِيَةٌ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ: فِي الْحَشْرِ إِذَا كُسِيَ أَهْلُ الصَّلَاحِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ يُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَيُحْتَمَلُ عَارِيَةً مِنَ الْحَسَنَاتِ (أَيْقِظُوا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، أَيْ: نَبِّهُوا (صَوَاحِبَ الْحُجَرِ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ جَمْعُ حُجْرَةٍ وَهِيَ مَنَازِلُ أَزْوَاجِهِ، وَخَصَّهُنَّ بِالْإِيقَاظِ لِأَنَّهُنَّ الْحَاضِرَاتُ حِينَئِذٍ، أَوْ مِنْ بَابِ: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ، وَأَرَادَ أَنْ يُوقِظَهُنَّ لِلصَّلَاةِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا، وَلِئَلَّا يَكُونَ مِنَ الْغَافِلِينَ فِيهَا وَيَعْتَمِدْنَ عَلَى كَوْنِهِنَّ أَزْوَاجَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهِ: إِيقَاظُ الرَّجُلِ أَهَّلَهُ بِاللَّيْلِ لِلْعِبَادَةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ أَمْرٍ يَحْدُثُ، وَالْإِسْرَاعُ إِلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ خَشْيَةُ الشَّرِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: ٤٥] [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ٤٥] وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَأَمَرَ مَنْ رَأَى فِي مَنَامِهِ مَا يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute