للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالدُّهْنِ، أَوْ لِأَنَّ زَكَرِيَّا مَسَحَهُ، أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرِئَ، أَوْ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ بِسِيَاحَتِهِ، أَوْ لِأَنَّ رِجْلَهُ لَا أُخْمُصَ لَهَا، أَوْ لِلُبْسِهِ الْمُسُوحَ، أَقْوَالٌ.

وَقِيلَ: هُوَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَاسِحٌ فَعُرِّبَ الْمَسِيحَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الصِّدِّيقُ (ثُمَّ إِذَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ شَعْرُهُ (قَطَطٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُهْمَلَةِ الْأُولَى عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَدْ تُكْسَرُ، أَيْ: شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعْرِ (أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ) بِتَحْتِيَّةٍ بَعْدَ الْفَاءِ، أَيْ: بَارِزَةٍ مِنْ طَفِئَ الشَّيْءُ يَطْفُو بِغَيْرِ هَمْزٍ إِذَا عَلَا عَلَى غَيْرِهِ، شَبَّهَهَا بِالْعِنَبَةِ الَّتِي تَقَعُ فِي الْعُنْقُودِ بَارِزَةً عَنْ نَظَائِرِهَا وَبِالْهَمْزِ، أَيْ: ذَهَبَ ضَوْءُهَا.

قَالَ عِيَاضٌ: رَوَيْنَاهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ عَنْ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا وَصَحَّحُوهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَخْفَشُ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةَ الْهَمْزِ وَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِهَا، وَيُصَحِّحُهَا الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى أَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ حَجْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً وَأَنَّهَا مَطْمُوسَةٌ، وَهَذِهِ صِفَةُ حَبَّةِ الْعِنَبِ إِذَا طُفِيَتْ وَزَالَ مَاؤُهَا، وَيُصَحِّحُ رِوَايَةَ الْيَاءِ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ، وَأَنَّهَا جَاحِظَةٌ، وَكَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ فِي حَائِطٍ مُجَصَّصٍ وَأَنَّهَا عَوْرَاءُ، وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ مَا صُحِّحَتْ بِهِ رِوَايَةُ الْيَاءِ يَكُونُ فِي عَيْنٍ، وَمَا صُحِّحَتْ بِهِ رِوَايَةُ الْهَمْزِ يَكُونُ فِي الْأُخْرَى، وَبِهِ أَيْضًا يُجْمَعُ بَيْنَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الرِّوَايَاتُ، فَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ أَعْوَرُ الْيُسْرَى لِأَنَّ الْعَوَرَ الْعَيْبُ وَكِلْتَا عَيْنَيْهِ مَعِيبَةٌ، أَحَدُهُمَا بِالطَّمْسِ وَهِيَ الْيُمْنَى، وَالْأُخْرَى بِالْبُرُوزِ، انْتَهَى كَلَامُ عِيَاضٍ مُلَخَّصًا.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ، زَادَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ: يَطُوفُ بِالْبَيْتِ.

(فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: هَذَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ) لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ، أَوْ لِأَنَّ أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ خُلِقَ مَمْسُوحًا لَا عَيْنَ فِيهِ وَلَا حَاجِبَ، أَوْ لِأَنَّهُ يَمْسَحُ الْأَرْضَ إِذَا خَرَجَ.

وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَنْ خَفَّفَهُ فَلِمَسْحِهِ الْأَرْضَ، وَمَنْ شَدَّدَ فَلِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «إِنَّ الدَّجَّالَ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلَا مَكَّةَ» "، أَيْ: فِي زَمَنِ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ فِي دُخُولِهِ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي.

وَهَذِهِ الرُّؤْيَا مَنَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: " رَأَيْتُ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى " وَذَكَرَ صِفَتَهُمْ.

قَالَ عِيَاضٌ: رُؤْيَتُهُ لَهُمْ إِنْ كَانَ مَنَامًا فَلَا إِشْكَالَ وَإِنْ كَانَ يَقَظَةً فَمُشْكِلٌ، وَيُقَوِّيهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: " «وَأَمَّا مُوسَى فَرَجُلٌ جَعْدٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ مَخْطُومٍ بِحَبْلٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذِ انْحَدَرَ فِي الْوَادِي» " وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ مِنَ الشُّهَدَاءِ وَالشُّهَدَاءُ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ فَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُصَلُّوا وَيَحُجُّوا وَيَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَاعُوا مَا دَامَتِ الدُّنْيَا وَهِيَ دَارُ التَّكْلِيفِ بَاقِيَةً وَبِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ حَالَهُمُ الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>