- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلصَّلَاةِ فِيهِ حِينَ مُحَاصَرَةِ الْأَحْزَابِ لِلْمَدِينَةِ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ، ( «لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ» ) ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ صَوْتِهِ حِينَ تَكَلَّمَ الْفَخَامَةَ الْمَأْلُوفَةَ، فَحَمَلَهُ عَلَى الْجُوعِ لِلْقَرِينَةِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى دَعْوَى ابْنِ حِبَّانَ، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِجُوعٍ، وَأَنَّ أَحَادِيثَ رَبْطِ الْحَجَرِ مِنَ الْجُوعِ تَصْحِيفٌ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ: " «أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» "، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ صَحِيحَةٌ، فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى تَعَدُّدِ الْحَالِ، فَكَانَ أَحْيَانًا يَجُوعُ إِذَا لَمْ يُوَاصِلْ لِيَتَأَسَّى بِهِ أَصْحَابُهُ، وَلَا سِيَّمَا مَنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا.
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ: " «جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا مَعَ أَصْحَابِهِ يُحَدِّثُهُمْ، وَقَدْ عَصَبَ بَطْنَهُ بِعِصَابَةٍ، فَسَأَلْتُ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: مِنَ الْجُوعِ، فَذَهَبْتُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ فَقَالَ: هَلْ مِنْ شَيْءٍ» "، فَكَأَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَهُ جَاءَ فَسَمِعَ صَوْتَهُ وَرَآهُ.
وَلِأَحْمَدَ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ رَآهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَاوِيًا.
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: " «رَأَى أَبُو طَلْحَةَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُضْطَجِعًا يَتَقَلَّبُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ» "، وَلِأَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَنَسٍ: " «جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ فَقَالَ: أَعِنَدَكَ شَيْءٌ؟ فَإِنِّي مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُقْرِئُ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ سُورَةَ النِّسَاءِ، وَقَدْ رَبَطَ عَلَى بَطْنِهِ حَجَرًا مِنَ الْجُوعِ» "، (فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ) يَأْكُلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ (فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ) ، جَمْعُ قُرْصٍ بِالضَّمِّ قِطْعَةُ عَجِينٍ مَقْطُوعٍ مِنْهُ.
وَلِأَحْمَدَ: " عَمَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى نِصْفِ مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ، فَطَحَنَتْهُ "، وَلِلْبُخَارِيِّ: عَمَدَتْ إِلَى مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ جَشَّتْهُ، ثُمَّ عَمِلَتْهُ عَصِيدَةً، وَفِي لَفْظٍ: خَطِيفَةً بِمُعْجَمَةٍ وَمُهْمَلَةٍ الْعَصِيدَةُ وَزْنًا وَمَعْنَى.
وَلِمُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ: أَتَى أَبُو طَلْحَةَ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ، فَأَمَرَ فَصَنَعَ طَعَامًا، قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا مُنَافَاةَ لِاحْتِمَالِ تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ، أَوْ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظِ الْآخَرُ، وَيُجْمَعُ أَيْضًا بِأَنَّ الشَّعِيرَ فِي الْأَصْلِيِّ صَاعٌ، فَأَفْرَدَتْ نِصْفَهُ لِعِيَالِهِمْ، وَنِصْفَهُ لِلنَّبِيِّ، وَيَدُلُّ عَلَى التَّعَدُّدِ مَا بَيْنَ الْعَصِيدَةِ وَالْخُبْزِ الْمَفْتُوتِ الْمَلْتُوتِ بِالسَّمْنِ مِنَ الْمُغَايَرَةِ.
(ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا) - بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ - لَهَا، (فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بَعْضَهُ) ، أَيِ الْخِمَارَ، (ثُمَّ دَسَّتْهُ) ، أَيْ أَدْخَلَتْهُ بِقُوَّةٍ (تَحْتَ يَدِي) - بِكَسْرِ الدَّالِ - أَيْ إِبِطِي، (وَرَدَّتْنِي) - بِشَدِّ الدَّالِ - (بِبَعْضِهِ) ، أَيْ جَعَلَتْهُ رِدَاءً لِي، وَلِلتِّنِّيسِيِّ: وَلَاثَتْنِي بَعْضَهُ بِمُثَلَّثَةٍ، فَفَوْقِيَّةٍ سَاكِنَةٍ، فَنُونٍ مَكْسُورَةٍ، أَيْ: لَفَّتْنِي، (ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ) أَنَسٌ: (فَذَهَبْتُ بِهِ) بِالَّذِي أَرْسَلَتْنِي، (فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute