للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ) الْمَوْضِعِ الَّذِي أَعَدَّهُ لِلصَّلَاةِ عِنْدَ الْخَنْدَقِ، (وَمَعَهُ نَاسٌ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آرْسَلَكَ) - بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ لِلِاسْتِفْهَامِ - (أَبُو طَلْحَةَ؟ قَالَ) أَنَسٌ: (فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: لِلطَّعَامِ؟) ، أَيْ لِأَجْلِهِ (قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قُومُوا) ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ اسْتَدْعَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَلِذَا قَالَ لِمَنْ عِنْدُهُ: قُومُوا.

وَأَوَّلُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ، وَأَبَا طَلْحَةَ أَرْسَلَا الْخُبْزَ مَعَ أَنَسٍ، فَيُجْمَعُ بِأَنَّهُمَا أَرَادَا بِإِرْسَالِ الْخُبْزِ مَعَ أَنَسٍ أَنْ يَأْخُذَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَأْكُلَهُ، فَلَمَّا وَصَلَ أَنَسٌ وَرَأَى كَثْرَةَ النَّاسِ حَوْلَهُ اسْتَحَى، وَأَظْهَرُهُ أَنَّهُ يَدْعُوهُ لِيَقُومَ مَعَهُ وَحْدَهُ إِلَى الْمَنْزِلِ لِيَحْصُلَ قَصْدُهُ مِنْ إِطْعَامِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَنْ رَأْيِ مَنْ أَرْسَلَهُ، عَهِدَ إِلَيْهِ إِذَا رَأَى كَثْرَةَ النَّاسِ أَنْ يَسْتَدْعِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحْدَهُ خَشْيَةَ أَنْ لَا يَكْفِيَهُمْ ذَلِكَ الشَّيْءُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، وَقَدْ عَرَفُوا إِيثَارَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ وَحْدَهُ، وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ تَقْتَضِي أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ اسْتَدْعَاهُ، فَفِي رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ: " «بَعَثَنِي أَبُو طَلْحَةَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدْعُوهُ، وَقَدْ جَعَلَ طَعَامًا» "، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَنَسٍ: " «أَمَرَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ أَنْ تَصْنَعَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَفْسِهِ خَاصَّةً، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَيْهِ» "، وَفِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ عَنْ أَنَسٍ: " «فَدَخَلَ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى أُمِّي، فَقَالَ: هَلْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، عِنْدِي كِسَرٌ مِنْ خُبْزٍ، فَإِنْ جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَحْدَهُ أَشْبَعْنَاهُ، وَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ مَعَهُ قَلَّ عَنْهُمْ» ".

وَجَمِيعُ ذَلِكَ فِي مُسْلِمٍ.

وَفِي رِوَايَةِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ: " «أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ: اعْجِنِيهِ وَأَصْلِحِيهِ عَسَى أَنْ نَدْعُوَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَأْكُلَ عِنْدَنَا فَفَعَلَتْ فَقَالَتِ: ادْعُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» "، وَفِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ، وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ: " «فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: يَا أَنَسُ اذْهَبْ فَقُمْ قَرِيبًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا قَامَ فَدَعْهُ حَتَّى يَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ اتْبَعْهُ حَتَّى إِذَا قَامَ عِنْدَ عَتَبَةِ بَابِهِ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ» "، وَلِأَبِي يَعْلَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: " اذْهَبْ فَادْعُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ: " ثُمَّ بَعَثَنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ فَدَعَوْتُهُ "، وَلِأَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَتْ لِي أُمُّ سُلَيْمٍ: " «اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْ لَهُ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَغَدَّى عِنْدَنَا فَافْعَلْ» وَلِلْبَغَوَيِّ عَنْ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَنَسٍ: " «فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اذْهَبْ يَا بُنَيَّ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَادْعُهُ، فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ» وَلِأَبِي نُعَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَنَسٍ: " «فَقَالَ: يَا بُنَيَّ اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَادْعُهُ وَلَا تَدْعُ مَعَهُ غَيْرَهُ، وَلَا تَفْضَحْنِي» "، قَالَهُ الْحَافِظُ، وَلَمْ يَتَنَزَّلْ لِلْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>