وَشَبِعُوا) . وَلِمُسْلِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ: " «حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ فَأَكَلَ حَتَّى شَبِعَ» "، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: " «ثُمَّ أَخَذَ مَا بَقِيَ فَجَمَعَهُ، ثُمَّ دَعَا بِالْبَرَكَةِ، فَعَادَ كَمَا كَانَ» "، (وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ رَجُلًا، أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا) بِالشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي.
وَفِي مُسْلِمٍ، وَأَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَنَسٍ: " حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ بِثَمَانِينَ رَجُلًا بِالْجَزْمِ، وَزَادَ: «ثُمَّ أَكَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَهْلُ الْبَيْتِ، وَتَرَكُوا سُؤْرًا، أَيْ فَضْلًا» "، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: " كَانُوا نَيِّفًا وَثَمَانِينَ، قَالَ: وَأَفْضَلَ لِأَهْلِ الْبَيْتِ مَا يُشْبِعُهُمْ.
وَلَا مُنَافَاةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَلْغَى الْكِسَرَ.
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ: " وَأُفْضَلُوا مَا بَلَّغُوا جِيرَانَهُمْ "، وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ فِي مُسْلِمٍ: " وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ فَأَهْدَيْنَا لِجِيرَانِنَا "، وَلِأَبِي نُعَيْمٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ أَنَسٍ: " حَتَّى أَهْدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ لِجِيرَانِهَا "، قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا أَدْخَلَهُمْ عَشَرَةً عَشَرَةً لِأَنَّهَا كَانَتْ قَصْعَةً وَاحِدَةً لَا يُمْكِنُ الْجَمَاعَةَ الْكَثِيرَةَ أَنْ يَقْدِرُوا عَلَى التَّنَاوُلِ مِنْهَا مَعَ قِلَّةِ الطَّعَامِ، فَجُعِلُوا كَذَلِكَ لِيَنَالُوا مِنَ الْأَكْلِ، وَلَا يَزْدَحِمُوا، أَوْ لِضِيقِ الْبَيْتِ أَوْ لَهُمَا.
وَقَالَ الْحَافِظُ: سُئِلْتُ فِي مَجْلِسِ الْإِمْلَاءِ عَنْ حِكْمَةِ تَبْعِيضِهِمْ فَقُلْتُ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَرَفَ قِلَّةَ الطَّعَامِ، وَأَنَّهُ فِي صَحْفَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَتَحَلَّقَهَا ذَلِكَ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ، فَقِيلَ: لِمَ لَا أَدْخَلَ الْكُلَّ وَيُنْظَرُ مَنْ لَمْ يَسَعْهُ التَّحَلُّقُ، وَكَانَ أَبْلَغَ فِي اشْتِرَاكِ الْجَمِيعِ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى الْمُعْجِزَةِ بِخِلَافِ التَّبْعِيضِ بِطَرْقِهِ احْتِمَالَ تَكَرُّرِ وَضْعٍ فِي الطَّعَامِ لِصِغَرِ الصَّحْفَةِ؟ فَقُلْتُ: يُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ لِضِيقِ الْبَيْتِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ: " «أَنَّ أُمَّهُ عَمَدَتْ إِلَى مُدِّ شَعِيرٍ جَشَّتْهُ، وَجَعَلَتْ مِنْهُ خَطِيفَةً، وَعَصَرَتْ عُكَّةً عِنْدَهَا، ثُمَّ بَعَثَتْنِي إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ، فَدَعَوْتُهُ قَالَ: وَمَنْ مَعِي؟ فَجِئْتُ فَقُلْتُ: إِنَّهُ يَقُولُ وَمَنْ مَعِي، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ صَنَعَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ، فَدَخَلَ وَجِيءَ بِهِ وَقَالَ: أَدْخِلْ عَلَيَّ عَشَرَةً حَتَّى عَدَّ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ أَكَلَ، ثُمَّ قَامَ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ هَلْ نَقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ» "، وَلِأَحْمَدَ: " «حَتَّى أَكَلَ مِنْهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا وَبَقِيَتْ كَمَا هِيَ» "، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ.
وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَنَسٍ: " «أَدْخِلْ عَلَيَّ ثَمَانِيَةً ثَمَانِيَةً، فَمَا زَالَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ، ثُمَّ دَعَانِي وَدَعَا أُمِّي، وَأَبَا طَلْحَةَ فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا» "، وَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ أَدْخَلَهُمْ عَشَرَةً عَشَرَةً سِوَى هَذِهِ.
وَلِأَبِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ: " «أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ بَلَغَهُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامٌ فَآجَرَ نَفْسَهُ بِصَاعٍ غَيْرِ شَعِيرٍ، فَعَمِلَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ذَلِكَ» "، ثُمَّ جَاءَ بِهِ. . . الْحَدِيثَ، وَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى التَّعَدُّدِ، وَأَنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ سِيرِينَ غَيْرُ الْقِصَّةِ الَّتِي رَوَاهَا غَيْرُهُ، وَكَذَا مَا بَيْنَ الْخُبْزِ الْمَفْتُوتِ الْمَلْتُوتِ بِالسَّمْنِ وَالْعَصِيدَةِ مِنَ الْمُغَايَرَةِ، انْتَهَى، مُلَخَّصًا.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَعَدَّدَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً سَأَلَهَا فَوَجَدَ الْخُبْزَ فَفَعَلَ مَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَكَانُوا ثَمَانِينَ وَأَدْخَلَهُمْ