كَانَ بَاقِيًا مَعَهُ، وَخَاطَبَهَا لِأَنَّهَا هِيَ الْمُتَصَرِّفَةُ، (فَأَمَرَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفُتَّ) - بِضَمِّ الْفَاءِ، وَشَدِّ الْفَوْقِيَّةِ - أَيْ كُسِرَ، (وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا) - بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ، وَشَدِّ الْكَافِ -: إِنَاءٌ مِنْ جِلْدٍ مُسْتَدِيرٌ يُجْعَلُ فِيهِ السَّمْنُ غَالِبًا وَالْعَسَلُ.
وَلِأَحْمَدَ عَنْ أَنَسٍ: " «فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ مِنْ سَمْنٍ؟ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: قَدْ كَانَ فِي الْعُكَّةِ شَيْءٌ فَجَاءَ بِهَا فَجَعَلَا يَعْصِرَانِهَا حَتَّى خَرَجَ» "، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا عَصَرَتْهَا لَمَّا أَتَتْ بِهَا، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهَا وَعَصَرَاهَا اسْتِفْرَاغًا لِمَا بَقِيَ فِيهَا، أَوْ أَنَّهُمَا ابْتَدَآ عَصْرَهَا، ثُمَّ حَاوَلَتْ بَعْدَ عَصْرِهِمَا إِخْرَاجَ شَيْءٍ مِنْهَا، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ، أَوْ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ فِي: عَصَرَاهَا لَهَا وَلِأَبِي طَلْحَةَ، وَاقْتَصَرَ هُنَا عَلَى أَنَّهَا الَّتِي عَصَرَتْ لِابْتِدَائِهَا بِالْعَصْرِ وَسَاعَدَهَا زَوْجُهَا، (فَأَدَمَتْهُ) ، أَيْ صَيَّرَتْ مَا خَرَجَ مِنَ الْعُكَّةِ أُدْمًا لَهُ، (ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ) ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ: " فَمَسَحَهَا وَدَعَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ "، وَلِأَحْمَدَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ أَحْمَدَ: " «فَجِئْتُ بِهَا، أَيِ الْعُكَّةِ فَفَتَحَ رِبَاطَهَا، ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أَعْظِمْ فِيهَا الْبَرَكَةَ» "، وَلِأَحْمَدَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: " «ثُمَّ مَسَحَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْصَ فَانْتَفَخَ، وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ فَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ ذَلِكَ وَالْقُرْصُ يَنْتَفِخُ حَتَّى رَأَيْتُ الْقُرْصَ فِي الْجَفْنَةِ يَتَّسِعُ» "، وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ الْخُبْزَ فُتَّ وَجُعِلَ عَلَيْهِ السَّمْنُ ; لِأَنَّهُ لَمَّا وُضِعَ عَلَى الْفَتِّ اجْتَمَعَ فَصَارَ كَالْقُرْصِ الْوَاحِدِ.
وَمَرَّ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ عَبَّرَ عَنْهَا بِقُرْصٍ قَبْلَ فَتِّهَا لِقِلَّتِهَا، وَهَذَا غَيْرُ ذَلِكَ، (ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ بِالدُّخُولِ) ; لِأَنَّهُ أَرْفَقُ، وَلِضِيقِ الْبَيْتِ أَوْ لَهُمَا مَعًا، (فَأُذِنَ لَهُمْ) ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ وَحْدَهُ وَبِهِ صَرَّحَ.
وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عِنْدَ أَحْمَدَ، وَمُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ: " فَلَمَّا انْتَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْبَابِ قَالَ لَهُمُ: اقْعُدُوا وَدَخَلَ "، (فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا) ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: " «فَوَضَعَ يَدَهُ وَبَسَطَ الْقُرْصَ، وَقَالَ: كُلُوا بِاسْمِ اللَّهِ فَأَكَلُوا مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ حَتَّى شَبِعُوا» "، وَفِي رِوَايَةٍ: " «فَقَالَ لَهُمْ: كُلُوا مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِي» "، (ثُمَّ خَرَجُوا) ، وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ: " «ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: قُومُوا، وَلْيَدْخُلْ عَشَرَةٌ مَكَانَكُمْ» "، (ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ) ثَانِيَةٍ، ( «فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» ) ثَالِثَةٍ، (فَأَذِنَ لَهُمْ) ، فَدَخَلُوا ( «فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» ) رَابِعَةٍ فَمَا زَالَ يُدْخِلُهُمْ عَشَرَةً عَشَرَةً (حَتَّى أَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute