للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنْعَامٍ وَتَعْدِيدِ فَضْلٍ، لَا سُؤَالُ تَقْرِيعٍ وَتَوْبِيخٍ وَمُحَاسَبَةٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُسْأَلُ عَنْ نَعِيمِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ هَلْ نَالَهُ مِنْ حِلِّهِ أَمْ لَا؟ فَإِذَا خَلَصَ مِنْ ذَلِكَ، سُئِلَ هَلْ قَامَ بِوَاجِبِ الشُّكْرِ فَاسْتَعَانَ بِهِ عَلَى الطَّاعَةِ أَمْ لَا؟ فَالْأَوَّلُ سُؤَالٌ عَنْ سَبَبِ اسْتِخْرَاجِهِ، وَالثَّانِي عَنْ مَحَلِّ صَرْفِهِ.

وَفِي مُسْلِمٍ: «فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا، وَرَوَوْا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ» .

وَفِي التِّرْمِذِيِّ: «فَقَالَ هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; ظِلٌّ بَارِدٌ وَرُطَبٌ طِيِّبٌ وَمَاءٌ بَارِدٌ» .

وَإِنَّمَا ذَكَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا فِي هَذَا الْمَقَامِ إِرْشَادًا لِلْآكِلِينَ وَالشَّارِبِينَ إِلَى حِفْظِ أَنْفُسِهِمْ فِي الشِّبَعِ عَنِ الْغَفْلَةِ، وَالِاشْتِغَالِ بِالْحَدِيقَةِ وَالتَّنَعُّمِ عَنِ الْآخِرَةِ، أَوْ هُوَ تَسْلِيَةٌ لِلْحَاضِرِينَ الْمُفْتَقِرِينَ عَنْ فَقْرِهِمْ بِأَنَّهُمْ وَإِنْ حُرِمُوا عَنِ التَّنَزُّهِ، فَقَدِ اتَّقَوُا السُّؤَالَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: «فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: إِذَا أَصَبْتُمْ مِثْلَ هَذَا فَصَارَ بِأَيْدِيكُمْ، فَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ، فَإِذَا شَبِعْتُمْ فَقُولُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ أَشْبَعَنَا، وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا وَأَفْضَلَ، فَإِنَّ هَذَا كَفَاءُ هَذَا، فَأَخَذَ عُمَرُ الْعِذْقَ فَضَرَبَ بِهَا الْأَرْضَ حَتَّى تَنَاثَرَ الْبُسْرُ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَمَسْئُولُونَ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: كِسْرَةٍ يَسُدُّ بِهَا الرَّجُلُ جُوعَهُ، أَوْ ثَوْبٍ يَسْتُرُ بِهَا عَوْرَتَهُ، أَوْ حُجْرٍ يَدْخُلُ فِيهِ مِنَ الْقُرِّ وَالْحَرِّ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>