للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَطْعِمِينَا شَيْئًا) ، يَعْنِي أَيَّ شَيْءٍ تَيَسَّرَ، (قَالَ: فَوَضَعَتْ ثَلَاثَةَ أَقْرَاصٍ) مِنْ خُبْزٍ (فِي صَحْفَةٍ، وَشَيْئًا مِنْ زَيْتٍ وَمِلْحٍ، ثُمَّ وَضَعَتْهَا عَلَى رَأْسِي وَحَمَلْتُهَا) حَتَّى جِئْتُ بِهَا (إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا وَضَعْتُهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ كَبَّرَ أَبُو هُرَيْرَةَ) ، أَيْ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، (وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَشْبَعَنَا مِنَ الْخُبْزِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ طَعَامُنَا إِلَّا الْأَسْوَدَيْنِ: الْمَاءَ وَالتَّمْرَ) ; فِيهِ تَغْلِيبٌ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا لَوْنَ لَهُ.

(فَلَمْ يُصِبِ الْقَوْمُ مِنَ الطَّعَامِ شَيْئًا) لِشِبَعٍ أَوْ غَيْرِهِ، (فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي) فِي الْإِسْلَامِ، (أَحْسِنْ إِلَى غَنَمِكَ، وَامْسَحِ الرُّعَامَ) - بِضَمِّ الرَّاءِ، وَإِهْمَالِ الْعَيْنِ عَلَى الْأَشْهَرِ رِوَايَةً - مُخَاطٌ رَقِيقٌ يَجْرِي مِنْ أُنُوفِ الْغَنَمِ، وَبِفَتْحِ الرَّاءِ، وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ، أَيِ امْسَحِ التُّرَابَ عَنْهَا، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: رَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ، وَقَالَ: إِنَّهُ مَا يَسِيلُ مِنَ الْأَنْفِ، وَالْمَشْهُورُ فِيهِ وَالْمَرْوِيُّ بِعَيْنِ مُهْمِلَةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَسْحَ التُّرَابِ عَنْهَا رَعْيًا لَهَا، وَإِصْلَاحًا لِشَأْنِهَا اه.

أَيْ عَلَى رِوَايَةِ الْإِعْجَامِ، لَا مَا فَسَّرَهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ، فَإِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى الْإِهْمَالِ.

(وَأَطِبْ) : نَظِّفْ (مُرَاحَهَا) - بِضَمِّ الْمِيمِ -: مَكَانَهَا الَّذِي تَأْوِي فِيهِ، وَالْأَمْرُ لِلْإِرْشَادِ وَالْإِصْلَاحِ، (وَصَلِّ فِي نَاحِيَتِهَا فَإِنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ) ، أَيْ نَزَلَتْ مِنْهَا أَوْ تَدْخُلُهَا بَعْدَ الْحَشْرِ، أَوْ مِنْ نَوْعِ مَا فِي الْجَنَّةِ بِمَعْنَى أَنَّ فِيهَا أَشْبَاهَهَا، وَشِبْهُ الشَّيْءِ يُكْرَمُ لِأَجْلِهِ، وَهَذَا مَوْقُوفٌ صَحِيحٌ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ.

وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَكْرِمُوا الْمِعْزَى، وَامْسَحُوا بِرُغَامِهَا، فَإِنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ» "، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لَكِنَّهُ يُقَوِّيهِ هَذَا الْمَوْقُوفُ الصَّحِيحُ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «صَلُّوا فِي مَرَاحِ الْغَنَمِ، وَامْسَحُوا بِرُغَامِهَا، فَإِنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ» "، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوِيَ مَرْفُوعًا، وَمَوْقُوفًا وَهُوَ أَصَحُّ.

(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَكُونُ الثُّلَّةُ) - بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ، وَشَدِّ اللَّامِ -: الطَّائِفَةُ الْقَلِيلَةُ الْمِائَةُ وَنَحْوُهَا (مِنَ الْغَنَمِ أَحَبَّ إِلَى صَاحِبِهَا مِنْ دَارِ مَرْوَانَ) بْنِ الْحَكَمِ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ، وَهَذَا أَيْضًا لَا يُقَالُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ غَيْبٍ يَأْتِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>