وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ وَمَعَهُ رَبِيبُهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»
ــ
١٧٣٨ - ١٦٨٩ - (مَالِكٌ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ) التَّابِعِيِّ، (أَنَّهُ قَالَ) مُرْسَلًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَرَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، فَقَالَا: عَنْ مَالِكٍ عَنْ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ مَوْصُولًا، أَخْرَجَهُمَا الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْأَوَّلُ النَّسَائِيُّ، وَكَذَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ قَالَ الْحَافِظُ: وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ إِرْسَالُهُ كَعَادَتِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ عَنْ وَهْبٍ مُرْسَلًا كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يُصَرِّحْ بِوَصْلِهِ، وَلَعَلَّهُ وَصَلَهُ مَرَّةً فَحَفِظَ ذَلِكَ عَنْهُ خَالِدٌ، وَيَحْيَى وَهُمَا ثِقَتَانِ، وَبِهِ يَتَبَيَّنُ صِحَّةُ سَمَاعِ وَهْبٍ مِنْ عُمَرَ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ: (أُتِيَ) - بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ - (رَسُولُ اللَّهِ بِطَعَامٍ وَمَعَهُ رَبِيبُهُ) ابْنُ زَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ (عُمَرُ) - بِضَمِّ الْعَيْنِ - (بْنُ أَبِي سَلَمَةَ) الصَّحَابِيُّ ابْنُ الصَّحَابِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ: " «أَكَلْتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامًا فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ نَوَاحِي الصَّحْفَةِ» "، وَفِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ: " كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ "، (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : يَا غُلَامُ (سَمِّ اللَّهَ) طَرْدًا لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْعًا لَهُ مِنَ الْأَكْلِ فَتُسَنُّ التَّسْمِيَةُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: أَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ، وَأَفْضَلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَرَ لِمَا ادَّعَاهُ مِنَ الْأَفْضَلِيَّةِ دَلِيلًا خَاصًّا.
وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ مَعَ اللُّقْمَةِ الْأُولَى: بِسْمِ اللَّهِ، وَالثَّانِيَةِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ، وَالثَّالِثَةِ: الْبَسْمَلَةَ بِتَمَامِهَا، فَإِنْ سَمَّى مَعَ كُلِّ لُقْمَةٍ، فَهُوَ أَحْسَنُ حَتَّى لَا يَشْغَلَهُ الْأَكْلُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَيَزِيدُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا، وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، فَقَالَ الْحَافِظُ أَيْضًا: لَمْ أَرَ لِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ دَلِيلًا، وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ كُلِّهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ خِلَافُهُ، وَمِنْ أَصَرَحِهَا حَدِيثُ أَحْمَدَ: " «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ» "، (وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ) ، اسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَيُكْرَهُ الْأَكْلُ مِمَّا لَا يَلِي ; لِأَنَّ الْأَكْلَ مِنْ مَوْضِعِ يَدِ صَاحِبِهِ سُوءُ عِشْرَةٍ، وَتَرْكُ مَوَدَّةٍ لِنُفُورِ النَّفْسِ لَا سِيَّمَا فِي الْأَمْرَاقِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ الْحِرْصِ وَالنَّهَمِ وَسُوءِ الْأَدَبِ وَأَشْبَاهِهَا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَوْنٍ أَوْ تَمْرًا جَازَ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ: " «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ أَكَلَ مِمَّا يَلِيهِ، وَإِذَا أُتِيَ بِالتَّمْرِ جَالَتْ يَدُهُ فِيهِ» "، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute