الْمُخَدَّرَةُ الْمَكْنُونَةُ الَّتِي لَا تَرَاهَا الْعُيُونُ، وَلَا تَبْرُزُ لِلشَّمْسِ فَتُغَيِّرُهَا، يَعْنِي أَنَّ جِلْدَ سَهْلٍ كَجِلْدِ الْمُخَبَّأَةِ إِعْجَابًا بِحُسْنِهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتِ:
ذَكَّرَتْنِي الْمُخَبَّآتُ لَدَى الْحِجْ ... رِ يُنَازِعْنَنِي سُجُوفَ الْحِجَالِ
وَمَرَّ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَبِي أُمَامَةَ: وَلَا جِلْدَ عَذْرَاءَ بَدَلَ مُخَبَّأَةٍ، فَكَأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، فَقَالَ: عَذْرَاءُ مُخَبَّأَةٌ فَاقْتَصَرَ كُلُّ رَاءٍ عَلَى مَا سَمِعَهُ مِنْهُ، أَوْ إِحْدَاهُمَا بِالْمَعْنَى، لَكِنْ لَا شَكَّ أَنَّ مُخَبَّأَةً أَخَصُّ.
(فَلُبِطَ) - بِضَمِّ اللَّامِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ - أَيْ صُرِعَ وَسَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ (بِسَهْلٍ) ، يُقَالُ مِنْهُ لُبِطَ بِهِ يَلْبِطُ لَبَطًا.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لُبِطَ: وُعِكَ وَكَأَنَّهُ فَسَرَّهُ بِالرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا لِاتِّحَادِ الْقِصَّةِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ لِجَوَازِ أَنَّ سُقُوطَهُ مِنْ شِدَّةِ وَعْكِهِ، كَمَا قَدَّمْتُهُ، وَهَذَا أَوْلَى إِبْقَاءُ لِلَّفْظَيْنِ عَلَى حَقِيقَتِهِمَا.
زَادَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: حَتَّى مَا يَعْقِلَ لِشِدَّةِ الْوَجَعِ، ( «فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ» ) مِنْ شِدَّةِ الْوَعْكِ وَالصَّرَعِ، (فَقَالَ: هَلْ تَتَّهِمُونَ لَهُ أَحَدًا؟) عَانَهُ، (قَالُوا: نَتَّهِمُ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ) ، وَكَأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا ذَلِكَ ذَهَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى سَهْلٍ لِتَثَبُّتِ الْخَبَرِ مِنْهُ، كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ: " فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ فَأَخْبَرَهُ سَهْلٌ "، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الطَّرِيقِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: هَلْ تَتَّهِمُونَ. . . إِلَخْ، فَفِي كُلٍّ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ اخْتِصَارٌ.
(قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَامَ) ، أَيْ لِمَ (يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ) ، أَيْ يَكُونُ سَبَبًا فِي قَتْلِهِ بِالْعَيْنِ (أَلَّا) ، وَفِي رِوَايَةٍ: هَلَّا (بَرَّكْتَ) ، أَيْ دَعَوْتَ لَهُ بِالْبَرَكَةِ.
، وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: " «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ، فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ» "، وَمِثْلُهُ عِنْدَ ابْنِ السُّنِّيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ (اغْتَسِلْ لَهُ) وُجُوبًا ; لِأَنَّ الْأَمْرَ حَقِيقَتُهُ الْوُجُوبُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ أَخَاهُ مَا يَنْفَعُهُ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ بِسَبَبِهِ، وَكَانَ هُوَ الْجَانِيَ عَلَيْهِ، فَوَاجِبٌ عَلَى الْعَائِنِ الْغُسْلُ عَنْهُ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
(فَغَسَلَ عَامِرٌ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ) ، وَفِي رِوَايَةٍ: بَدَلَ هَذَا، وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ، (وَمَرْفِقَيْهِ) ، زَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَغَسَلَ صَدْرَهُ، (وَرُكْبَتَيْهِ، وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ) ، هِيَ الْحَقْوُ تُجْعَلُ مِنْ تَحْتِ الْإِزَارِ فِي طَرَفِهِ، ثُمَّ يُشَدُّ عَلَيْهِ الْإِزْرَةُ، قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ: هِيَ الطَّرَفُ الْمُتَدَلِّي الَّذِي يَضَعُهُ الْمُؤْتَزِرُ أَوَّلًا عَلَى حَقْوِهِ الْأَيْمَنِ.
وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هِيَ الْجَانِبُ الْأَيْسَرُ مِنَ الْإِزَارِ الَّذِي تَعْطِفُهُ إِلَى يَمِينِكَ، ثُمَّ يُشَدُّ الْإِزَارُ قَالَهُ ابْنُ