وَحَدَّثَنِي مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ وَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ فَلَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ»
ــ
١٨١٢ - ١٧٦٥ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ) فِي مُوَطَّأِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مَالِكٌ أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الْمُوَطَّآتِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ: لَا يَحْتَلِبَنَّ) - بِفَوْقِيَّةٍ، فَلَامٍ مَكْسُورَةٍ - قَالَ الْحَافِظُ: وَفِي أَكْثَرِ الْمُوَطَّآتِ لَا يَحْلُبَنَّ بِدُونِ تَاءٍ وَضَمِّ اللَّامِ: (أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْمَاشِيَةُ تَقَعُ عَلَى الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، وَلَكِنَّهُ فِي الْغَنَمِ أَكْثَرُ، رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ، مَاشِيَةَ رَجُلٍ، وَهُوَ كَالْمِثَالِ فَلَا اخْتِصَاصَ لِذَلِكَ بِالرَّجُلِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِلَفْظِ: مَاشِيَةَ أَخِيهِ، وَقَالَ هُوَ لِلْغَالِبِ، إِذْ لَا فَرْقَ فِي هَذَا الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهُ لَا وُجُودَ لِذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ، وَبِإِثْبَاتِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ: نَهَى أَنْ يَحْتَلِبَ مَوَاشِيَ النَّاسِ (بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مُشْرُبَتُهُ) - بِضَمِّ الرَّاءِ، وَقَدْ تُفْتَحُ، أَيْ: غُرْفَتُهُ (فَتُكْسَرَ) - بِضَمِّ التَّاءِ، وَفَتْحِ السِّينِ، وَالنَّصْبُ عَطْفٌ عَلَى تُؤْتَى (خِزَانَتُهُ) - بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَالرَّفْعِ، نَائِبُ الْفَاعِلِ مَكَانُهُ، أَوْ وِعَاؤُهُ الَّذِي يُخَزِّنُ فِيهِ مَا يُرِيدُ حِفْظَهُ، وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عِنْدَ أَحْمَدَ: فَيُكْسَرَ بَابُهَا، (فَيُنْتَقَلَ) - بِالنَّصْبِ - (طَعَامُهُ) - بِضَمِّ الْيَاءِ، وَنُونٍ وَقَافٍ - مِنَ النَّقْلِ، أَيْ: يُحَوَّلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ، كَذَا فِي أَكْثَرِ الْمُوَطَّآتِ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ كَمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ رُوحِ بْنِ عُبَادَةَ، وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ، بِلَفْظِ: فَيُنْتَثَلَ - بِمُثَلَّثَةٍ بَدَلَ الْقَافِ - وَالنَّثْلُ: الْأَخْذُ مَرَّةً وَاحِدَةً بِسُرْعَةٍ، وَقِيلَ: الِاسْتِخْرَاجُ، وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ النَّقْلِ.
وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَيُّوبَ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ نَافِعٍ، وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ بِالْقَافِ، (وَإِنَّمَا تَخْزُنُ) - بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ، وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ، وَضَمِّ الزَّايِ - (ضُرُوعُ) جَمْعُ ضَرْعٍ لِلْبَهِيمَةِ كَالثَّدْيِ لِلْمَرْأَةِ، (مَوَاشِيهِمْ أَطَعِمَاتِهِمْ) نُصِبَ بِالْكَسْرَةِ مَفْعُولٌ لِضُرُوعٍ، وَهُوَ جَمْعُ أَطْعِمَةٍ، وَهِيَ جَمْعُ طَعَامٍ، وَالْمُرَادُ هُنَا: اللَّبَنُ كَمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ، فَشَبَّهَ ضُرُوعَ الْمَوَاشِي فِي ضَبْطِهَا الْأَلْبَانَ عَلَى أَرْبَابِهَا بِالْخِزَانَةِ الَّتِي تَحْفَظُ مَا أُودِعَتْهُ مِنْ مَتَاعٍ وَغَيْرِهِ، ( «فَلَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ» ) ، أَعَادَهُ بَعْدَ ضَرْبِ الْمِثَالِ زِيَادَةً فِي التَّنْفِيرِ عَنْهُ، وَفِيهِ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَأْخُذَ الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلِمِ شَيْئًا، إِلَّا بِإِذْنِهِ الْخَاصِّ، أَوِ الْعَامِّ، وَإِنَّمَا خَصَّ اللَّبَنَ بِالذِّكْرِ لِتَسَاهُلِ النَّاسِ فِيهِ، فَنَبَّهَ بِهِ عَلَى مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، وَبِهَذَا أَخَذَ الْجُمْهُورُ، وَاسْتَثْنَى كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ مَا إِذَا عَلِمَ بِطِيبِ نَفْسِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute