نَسْخِ الْإِذْنِ وَحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، قَالُوا: وَكَانَتِ الضِّيَافَةُ حِينَئِذٍ وَاجِبَةً، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِفَرْضِ الزَّكَاةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ ضَرْبُ الْأَمْثَالِ لِلتَّقْرِيبِ لِلْأَفْهَامِ، وَتَمْثِيلِ مَا قَدْ يَخْفَى بِمَا هُوَ أَوْضَحُ مِنْهُ، وَاسْتِعْمَالُ الْقِيَاسِ فِي النَّظَائِرِ، وَذُكِرَ الْحُكْمُ بِعِلَّتِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْعِلَّةِ، تَأْكِيدًا أَوْ تَقْرِيرًا، وَأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ مُسَاوَاةُ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ بِكُلِّ اعْتِبَارٍ، بَلْ رُبَّمَا كَانَتْ لِلْأَصْلِ مَزِيَّةٌ لَا يَتَمَيَّزُ سُقُوطُهَا فِي الْفَرْعِ، إِذَا شَارَكَ فِي أَصْلِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الضَّرْعَ لَا يُسَاوِي الْخِزَانَةَ فِي الْخَزْنِ، كَمَا أَنَّ الضَّرْعَ لَا يُسَاوِي الْفِعْلَ فِيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَلْحَقَ الشَّارِعُ الْمَصْرُورَ فِي الْحُكْمِ بِالْخِزَانَةِ الْمُقْفَلَةِ فِي تَحْرِيمِ تَنَاوُلِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ الْمُنِيرِ، وَفِيهِ إِبَاحَةُ خَزْنِ الطَّعَامِ، وَاحْتِكَارِهِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، خِلَافًا لِغُلَاةِ الْمُتَزَهِّدَةِ الْمَانِعِينَ مِنَ الِادِّخَارِ مُطْلَقًا، قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ: وَأَنَّ اللَّبَنَ يُسَمَّى طَعَامًا، وَفِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي اللُّقَطَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٌ فِي الْقَضَاءِ عَنْ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute