وَحَدَّثَنِي مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ رَعَى غَنَمًا قِيلَ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنَا
ــ
١٨١٢ - ١٧٦٦ - (مَالِكٌ: أَنَّهُ بَلَغَهُ) مِمَّا صَحَّ مَوْصُولًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ رَعَى غَنَمًا» ) ، اسْمُ جِنْسٍ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْحِكْمَةُ فِي إِلْهَامِهِمْ رَعْيِهَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ لِيَحْصُلَ لَهُمُ التَّمَرُّنُ بِرَعْيِهَا عَلَى مَا يُكَلَّفُونَ بِهِ مِنَ الْقِيَامِ بِأَمْرِ أُمَّتِهِمْ، وَلِأَنَّ فِي مُخَالَطَتِهَا زِيَادَةُ الْحِلْمِ وَالشَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا صَبَرُوا عَلَى مَشَقَّةِ الرَّعْيِ، وَدَفَعُوا عَنْهَا السِّبَاعَ الضَّارِيَةَ، وَالْأَيْدِي الْخَاطِفَةَ، وَعَلِمُوا اخْتِلَافَ طِبَاعِهَا وَتَفَاوُتَ إِدْرَاكِهَا، وَعَرَفُوا ضَعْفَهَا وَاحْتِيَاجَهَا إِلَى النَّقْلِ مِنْ مَرْعًى إِلَى مَرْعًى، وَمِنْ مَسْرَحٍ إِلَى مَرَاحٍ، رَفَقُوا بِضَعِيفِهَا وَأَحْسَنُوا تَعَاهُدَهَا، فَهُوَ تَوْطِئَةٌ لِتَعْرِيفِهِمْ سِيَاسَةَ أُمَمِهِمْ، وَلِمَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنَ التَّوَاضُعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ - وَخَصَّ الْغَنَمَ؛ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ مِنْ غَيْرِهَا.
(قِيلَ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَأَنَا) رَعَيْتُهَا.
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: وَأَنَا كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ» "، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ: " «كُنْتُ أَرْعَاهَا لِأَهْلِ مَكَّةَ بِالْقَرَارِيطِ» "، قَالَ سُوَيْدٌ شَيْخُ ابْنِ مَاجَهْ: يَعْنِي كُلَّ شَاةٍ بِقِيرَاطٍ يَعْنِي الْقِيرَاطَ الَّذِي هُوَ جُزْءٌ مِنَ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ: قَرَارِيطُ اسْمُ مَوْضِعٍ بِمَكَّةَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَابْنُ نَاصِرٍ، وَأَيَّدَهُ مُغْلَطَايَ بِأَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ الْقِيرَاطَ، قَالَ الْحَافِظُ: لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَعْرِفُ بِهَا مَكَانًا يُقَالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute