الزُّهْرِيِّ، وَتَابَعَهُ يُونُسُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَبُو أُوَيْسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ثَلَاثَتُهُمْ عِنْدَ النَّسَائِيِّ السِّتَّةُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُمَا.
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ نَفْسِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَهُوَ يَقْتَضِي رُجُوعَ سُفْيَانَ عَنْ ذَلِكَ الْحَصْرِ، وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَأَحْمَدُ عَنْ مَعْمَرٍ، خَمْسَتُهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ وَحْدَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يَجْمَعُهُمَا تَارَةً، وَيُفْرِدُ أَحَدَهُمَا أُخْرَى، وَلَهُ أَصْلٌ عَنْ حَمْزَةَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ حَمْزَةَ، (عَنْ) أَبِيهِمَا (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الشُّؤْمُ» ) الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْيُمْنِ، يُقَالُ: تَشَاءَمْتُ بِكَذَا، وَتَيَمَّنْتُ بِكَذَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَاوُهُ هَمْزَةٌ خُفِّفَتْ، فَصَارَتْ وَاوًا، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا التَّخْفِيفُ حَتَّى لَمْ يُنْطَقْ بِهَا مَهْمُوزَةً، انْتَهَى.
وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْحَافِظِ خِلَافُهُ، فَإِنَّهُ قَالَ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ، وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ، وَقَدْ تُسَهَّلُ فَتَصِيرُ وَاوًا.
( «فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ» ) ، أَيْ: كَائِنٌ فِيهَا، وَقَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِهَا، فَالْحَصْرُ فِيهَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَادَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخِلْقَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِطُولِ مُلَازَمَتِهَا.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْيُمْنُ وَالشُّؤْمُ عَلَامَتَانِ لِمَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ الثَّلَاثَةُ ظُرُوفٌ جُعِلَتْ مَوَاقِعَ لِأَقْضِيَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَنْفُسِهَا وَطَبَائِعِهَا فِعْلٌ، وَلَا تَأْثِيرَ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ أَعَمَّ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَقْتَنِيهَا الْإِنْسَانُ، وَكَانَ فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ دَارٍ يَسْكُنُهَا، وَزَوْجَةٍ يُعَاشِرُهَا، وَفَرَسٍ مُرْتَبِطَةٍ، وَلَا يَخْلُو عَنْ عَارِضٍ مَكْرُوهٍ فِي زَمَانِهِ أُضِيفَ الْيُمْنُ وَالشُّؤْمُ إِلَيْهَا إِضَافَةَ مَكَانٍ، وَهُمَا صَادِرَانِ عَنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - انْتَهَى.
وَاتَّفَقَتْ طُرُقُ الْحَدِيثِ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَرَوَى جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، وَسَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْهَا: وَالسَّيْفُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَعْضُ الْمُبْهَمُ بَيِّنٌ فِي ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أُمِّهِ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا: أَنَّهَا حَدَّثَتْ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَزَادَتْ: وَالسَّيْفِ، ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ، فَقِيلَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُجْرِيَ اللَّهُ الْعَادَةَ بِذَلِكَ فِي هَؤُلَاءِ، كَمَا أَجْرَى الْعَادَةَ بِأَنَّ مَنْ شَرِبَ السُّمَّ مَاتَ، وَمَنْ قُطِعَ رَأْسُهُ مَاتَ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ: كَمْ مِنْ دَارٍ سَكَنَهَا نَاسٌ فَهَلَكُوا.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: فَحَمَلَهُ مَالِكٌ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ قَدَرَ اللَّهِ رُبَّمَا وَافَقَ مَا يَكَرَهُ عِنْدَ سُكْنَى الدَّارِ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالسَّبَبِ، فَيَتَشَاءَمُ فِي إِضَافَةِ الشُّؤْمِ إِلَيْهِ اتِّسَاعًا.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَمْ يُرِدْ مَالِكٌ إِضَافَةَ الشُّؤْمِ إِلَى الدَّارِ، وَإِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ جَرْيِ الْعَادَةِ، فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي الْخُرُوجُ عَنْهَا صِيَانَةً لِاعْتِقَادِهِ عَنِ التَّعَلُّقِ بِالْبَاطِلِ، وَكَذَا حَمَلَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ