عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، الثَّلَاثَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَذَا اخْتُلِفَ عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْهُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ شَبَّابَةَ عَنْهُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَصَوَّبَ الدَّارَقُطْنِيُّ رِوَايَةَ إِسْقَاطِ عَنْ أَبِيهِ لِاتِّفَاقِ مَالِكٍ، وَابْنِ كَثِيرٍ، وَسُهَيْلٍ عَلَى إِسْقَاطِهِ، وَانْتَقَدَ عَلَى الشَّيْخَيْنِ إِخْرَاجَهُمَا رِوَايَةَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَلَى مُسْلِمٍ إِخْرَاجَهُ رِوَايَةَ اللَّيْثِ بِإِثْبَاتٍ عَنْ أَبِيهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ لَا يَقْدَحُ، فَإِنَّ سَمَاعَ سَعِيدٍ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ مَعْرُوفٌ، فَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَفْسِهِ فَحَدَّثَ بِهِ عَنِ الْوَجْهَيْنِ، وَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ، فَقَالَ: سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ سَعِيدُ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَالطَّرِيقَانِ جَمِيعًا مَحْفُوظَانِ اهـ.
وَيُؤَيِّدُهُ أَنْ سَعِيدًا لَيْسَ بِمُدَلِّسٍ، فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» ) : يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الَّذِي يَسْتَمِرُّ لِلْمُتَّصِفِ بِهِ خِطَابُ الشَّرْعِ، فَيَنْتَفِعُ بِهِ، وَيَنْقَادُ لَهُ، أَوْ أَنَّ الْوَصْفَ ذُكِرَ لِتَأْكِيدِ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِأَنَّهَا إِذَا سَافَرَتْ بِلَا مَحْرَمٍ خَالَفَتْ شَرْطَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الْمُقْتَضِي الْمَوْقُوفَ عِنْدَمَا نُهِيَتْ عَنْهُ، أَوْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَلَمْ يُقْصَدْ بِهِ إِخْرَاجُ الْكَافِرَةِ كِتَابِيَّةً، أَوْ حَرْبِيَّةً كَمَا قَالَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ تَمَسُّكًا بِالْمَفْهُومِ.
(تُسَافِرُ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ بِدُونِ أَنْ، نَظِيرُ قَوْلِهِمْ تَسْمَعُ بِالْمُعِيدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ، فَتَسْمَعُ مَوْضِعُهُ رَفْعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَتُسَافِرُ مَوْضِعُهُ رَفْعٌ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ، فَيَجُوزُ رَفْعُهُ وَنَصْبُهُ بِإِضْمَارِ أَنْ، قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ، (مَسِيرَةَ) مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى السَّيْرِ، بِمَعِيشَةَ؛ بِمَعْنَى الْعَيْشِ، وَلَيْسَتِ التَّاءُ فِيهِ لِلْمَرَّةِ.
( «يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» ) ، بِفَتْحِ الْمِيمِ - أَيْ: حَرَامٍ (مِنْهَا) بِنَسَبٍ، أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ تَنْزِيهًا سَفَرَهَا مَعَ ابْنِ زَوْجِهَا لِفَسَادِ الزَّمَانِ، وَحَدَاثَةِ الْحُرْمَةِ، وَلِأَنَّ الدَّاعِيَ إِلَى النَّفْرَةِ عَنِ امْرَأَةِ الْأَبِ، لَيْسَ كَالدَّاعِي إِلَى النَّفْرَةِ عَنْ سَائِرِ الْمَحَارِمِ، وَالْمَرْأَةُ فِتْنَةٌ إِلَّا فِيمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ النُّفُوسُ مِنَ النَّفْرَةِ عَنْ مَحَارِمِ النَّسَبِ، وَعَلَّلَهُ الْبَاجِيُّ بِعَدَاوَةِ الْمَرْأَةِ لِرَبِيبِهَا، وَعَدَمِ شَفَقَتِهِ عَلَيْهَا، وَصَوَّبَ غَيْرُهُ التَّعْلِيلَ الْأَوَّلَ، زَادَ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: أَوْ زَوْجٍ، وَفِي مَعْنَاهُ السَّيِّدُ، وَلَوْ لَمْ يَرِدْ ذِكْرُ الزَّوْجِ، لِقَيْسَ عَلَى الْمَحْرَمِ قِيَاسًا جَلِيًّا، وَلَفْظُ امْرَأَةٍ عَامٌّ فِي جَمِيعِ النِّسَاءِ.
وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ، لَا عَنِ الْبَاجِيِّ، كَمَا زَعَمَ أَنَّهُ فِي الشَّابَّةِ، أَمَّا الْكَبِيرَةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى، فَتُسَافِرُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute