وَقَالَ الْحَافِظُ: كَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ.
وَصَرَّحَ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ عَنْ مَالِكٍ بِتَحْدِيثِ سُمَيٍّ لَهُ، وَشَذَّ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، فَقَالَ: مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلٍ بَدَلُ سُمَيٍّ، أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ ابْنَ الْمَاجِشُونِ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُهَيْلٍ، وَأَنَّهُ وَهِمَ فِيهِ رِوَايَةً عَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ عَنْهُ، فَقَالَ عَنْ سُمَيٍّ، وَهُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ مَالِكٍ، قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ سُمَيٍّ غَيْرُ مَالِكٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ يَسْأَلُونِي عَنْ حَدِيثِ: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ» ؟ فَقِيلَ لَهُ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ سُمَيٍّ أَحَدٌ غَيْرَكَ، فَقَالَ: لَوْ عَرَفْتُ مَا حَدَّثْتُ بِهِ، وَكَانَ مَالِكٌ: رُبَّمَا أَرْسَلَهُ، انْتَهَى.
وَفِي التَّمْهِيدِ رَوَاهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَبُسْرُ بْنُ مَعْمَرٍ عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلًا، وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ مِنْ نَشَاطِ الْمُحَدِّثِ وَكَسَلِهِ، أَحْيَانًا يَنْشَطُ فَيُسْنِدُ، وَأَحْيَانًا يَكْسُلُ فَيُرْسِلُ عَلَى حَسَبِ الْمُذَاكَرَةِ، وَالْحَدِيثُ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ احْتَاجَ النَّاسُ فِيهِ إِلَى مَالِكٍ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَوُهِمَ فِيهِ أَيْضًا عَلَى مَالِكٍ، وَرَوَاهُ رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ سُمَيٍّ. . . إِلَخْ، فَزَادَ فِيهِ إِسْنَادًا آخَرَ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَخْطَأَ فِيهِ رَوَّادُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَلَيْسَ رَوَّادٌ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ، وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ فِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ أَصْلًا، وَأَنْ سُمَّيًّا لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذَكْوَانِ الزَّيَّاتِ، وَرَوَاهُ حَمَدٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَابْنُ عَدِيٍّ عَنْ جَهْمَانَ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ أَبُو صَالِحٍ، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ أَيْضًا، فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، بَلْ فِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَجَابِرٍ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ.
( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: السَّفَرُ قِطْعَةٌ» ) ، أَيْ: جُزْءٌ (مِنَ الْعَذَابِ) ، أَيِ: الْأَلَمِ النَّاشِئِ عَنِ الْمَشَقَّةِ لِمَا يَحْصُلُ فِي الرُّكُوبِ، وَالْمَشْيِ مِنْ تَرْكِ الْمَأْلُوفِ، كَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْخَوْفِ وَخُشُونَةِ الْعَيْشِ وَالْفِرَاقِ لِلْأَحْبَابِ، سُئِلَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ حِينَ جَلَسَ مَوْضِعَ أَبِيهِ: لِمَ كَانَ السَّفَرُ قِطْعَةً مِنَ الْعَذَابِ؟ فَأَجَابَ عَلَى الْفَوْرِ: لِأَنَّ فِيهِ فِرَاقَ الْأَحْبَابِ، ( «يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» ) ، بِنَصْبِ الثَّلَاثَةِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِيَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ يَطْلُبُ مَفْعُولَيْنِ كَأَعْطَى، وَفَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ اسْتِئْنَافًا كَالْجَوَابِ لِمَنْ قَالَ: لِمَ كَانَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: يَمْنَعُ أَيْ: وَجْهُ التَّشْبِيهِ الِاشْتِمَالُ عَلَى الْمَشَقَّةِ.
وَقَدْ جَاءَ التَّعْلِيلُ فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَلَفْظُهُ: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ» ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُشْغَلُ فِيهِ عَنْ صَلَاتِهِ، وَصِيَامِهِ، فَذَكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute