رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَا يَتَنَاجَى) بِأَلِفٍ لَفْظًا مَقْصُورَةٍ، ثَابِتَةٍ فِي الْكِتَابَةِ تَحْتِيَّةٍ سَاقِطَةٍ فِي الدَّرْجِ، لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ بِلَفْظِ الْخَبَرِ، وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ (اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ) ; لِأَنَّهُ يُوقِعُ الرُّعْبَ فِي قَلْبِهِ، وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا تُوجِبُهُ الصُّحْبَةُ مِنَ الْأُلْفَةِ، وَالْأُنْسِ، وَعَدَمِ التَّنَافُرِ، وَلِذَا قِيلَ: إِذَا سَرَرْتَ فِي مَجْلِسٍ فَإِنَّكَ فِي أَهْلِهِ مُتَّهَمٌ، وَتَخْصِيصُ النَّهْيِ بِصَدْرِ الْإِسْلَامِ حِينَ كَانَ الْمُنَافِقُونَ يَتَنَاجَوْنَ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ رُدَّ بِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ، وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِالْعَدَدِ مَعْنًى، وَخَصَّهُ عِيَاضٌ بِالسَّفَرِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْخَوْفِ، وَرَدَّهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ وَتَخْصِيصٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْخَبَرُ عَامُّ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَالْعِلَّةُ الْحُزْنُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَوَجَبَ أَنْ يَعُمَّهُمَا، وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا خَشِيَا أَنَّ صَاحِبَهُمَا يَظُنُّ أَنَّ تَنَاجِيَهُمَا فِي غَدْرِهِ، وَإِلَّا كُرِهَ حَضَرًا وَسَفَرًا فِي الْقِسْمَيْنِ، وَفِي مَعْنَى التَّنَاجِي مَا لَوْ تَحَدَّثَا بِلِسَانٍ لَا يُفْهَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute