وَحَدَّثَنِي مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ»
ــ
١٨٥٧ - ١٨١٠ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِذَا كَانَ) ، أَيْ وُجِدَ (ثَلَاثَةٌ) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ " كَانَ " التَّامَّةِ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً، رُوِيَ بِنَصْبِهِ خَبَرُ " كَانَ " وَاسْمُهَا الْمُتَصَاحِبُونَ، وَبِرَفْعِهِ عَلَى لُغَةِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ، وَتَمَامِ " كَانَ ". ( «فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ» ) ، أَيْ لَا يَتَسَارَّا وَيَتْرُكَاهُ، زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ، أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ نَجْوَاهُمَا هِيَ لِسُوءِ رَأْيِهِمَا فِيهِ وَاحْتِقَارِهِ عَنْ أَنْ يُدْخِلَاهُ فِي نَجْوَاهُمْ، أَوْ إِنَّمَا يَتَّفِقَانِ عَلَى غَائِلَةٍ تَحْصُلُ لَهُ مِنْهُمَا.
قَالَ الْحَافِظُ: وَأَرْشَدَ هَذَا التَّعْلِيلُ إِلَى أَنَّ الْمُنَاجِيَ إِذَا كَانَ مِمَّنْ إِذَا خَصَّ أَحَدًا بِمُنَاجَاتِهِ أَحْزَنَ الْبَاقِينَ امْتِنَاعُ ذَلِكَ، إِلَّا إِذَا كَانَ فِي أَمْرٍ مُهِمٍّ لَا يَقْدَحُ فِي الدِّينِ.
وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ أَشْهَبَ قَالَ: لَا يَتَنَاجَى ثَلَاثَةٌ دُونَ وَاحِدٍ، وَلَا عَشَرَةٌ ; لِأَنَّهُ قَدْ نَهَى أَنْ يُتْرَكَ وَاحِدٌ، قَالَ: وَهَذَا مُسْتَنْبَطٌ مِنَ الْحَدِيثِ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ لِلْوَاحِدِ كَتَرْكِ الِاثْنَيْنِ لِلْوَاحِدِ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ حُسْنِ الْأَدَبِ لِئَلَّا يَتَبَاغَضُوا وَيَتَقَاطَعُوا، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ: فَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى فِي حَقِّ الْوَاحِدِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أَمَّا إِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً فَتَنَاجَى اثْنَيْنِ دُونَ اثْنَيْنِ، فَلَا بَأْسَ بِالْإِجْمَاعِ، انْتَهَى. وَاخْتُلِفَ إِذَا انْفَرَدَ جَمَاعَةٌ دُونَ جَمَاعَةٍ قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ دَالٌّ عَلَى الْجَوَازِ، وَحَدِيثُ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَأَتَيْتُهُ، وَهُوَ فِي مَلَإٍ فَسَارَرْتُهُ فِيهِ دَلَالَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute