للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ يَرْتَفِعُ إِذَا بَقِيَ جَمَاعَةٌ لَا يَتَأَذَّوْنَ بِالسِّرَارِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ أَصْلِ الْحُكْمِ كَمَا مَرَّ مَا إِذَا أَذِنَ مَنْ يَبْقَى سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا، أَمْ أَكْثَرَ لِلِاثْنَيْنِ فِي التَّنَاجِي دُونَهُ أَوْ دُونَهُمْ، فَإِنَّ الْمَنْعَ يَرْتَفِعُ لِأَنَّهُ حَقُّ مَنْ يَبْقَى، وَأَمَّا إِذَا تَنَاجَيَا ابْتِدَاءً، وَثَمَّ ثَالِثٌ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ كَلَامَهُمَا لَوْ تَكَلَّمَا جَهْرًا، فَأَتَى لِيَسْتَمِعَ عَلَيْهِمَا فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا مَعَهُمَا أَصْلًا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْمُتَنَاجِيَيْنِ فِي حَالِ تَنَاجِيهِمَا.

قَالَ غَيْرُهُ: وَلَا يَنْبَغِي لِلدَّاخِلِ الْقُعُودُ عِنْدَهُمَا، وَلَوْ تَبَاعَدَ عَنْهُمَا إِلَّا بِإِذْنِهِمَا، لِأَنَّهُمَا لَمَّا افْتَتَحَا حَدِيثَهُمَا سِرًّا، وَلَيْسَ عِنْدَهُمَا أَحَدٌ دَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمَا أَنْ لَا يَطَّلِعَ أَحَدٌ عَلَى كَلَامِهِمَا، وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا جَهُورًا بِأَلَّا يَتَأَتَّى لَهُ إِخْفَاءُ كَلَامِهِ مِمَّنْ حَضَرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ لِبَعْضِ النَّاسِ قُوَّةُ فَهْمٍ بِحَيْثُ إِذَا سَمِعَ بَعْضَ الْكَلَامِ اسْتَدَلَّ عَلَى بَاقِيهِ، فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى تَرْكِ مَا يُؤْذِي الْمُؤْمِنَ مَطْلُوبَةٌ، وَإِنْ تَفَاوَتَتِ الْمَرَاتِبُ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَإِسْمَاعِيلُ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى، الثَّلَاثَةُ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ كَمَا فِي مُسْلِمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>