فَيَهْلِكُ الظَّانُّ، أَوْ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ، أَوْ لِئَلَّا يَتَمَنَّى وَرَثَتُهُمْ مَوْتَهُمْ فَيَهْلِكُونَ، أَوْ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالْأَبِ لِأُمَّتِهِ، فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِلْجَمِيعِ، وَهُوَ مَعْنَى الصَّدَقَةِ الْعَامَّةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} [النمل: ١٦] (سورة النَّمْلِ: الْآيَةُ ١٦) ، وَقَوْلُهُ عَنْ زَكَرِيَّا: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا - يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم: ٥ - ٦] (سورة مَرْيَمَ: الْآيَةُ ٥، ٦) ، فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ وِرَاثَةُ الْعِلْمِ وَالنُّبُوَّةِ.
وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ خَوْفَ زَكَرِيَّا مِنْ مَوَالِيهِ كَانَ عَلَى مَالِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ عَلَى النُّبُوَّةِ، لِأَنَّهَا فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يُعْطِيهَا مَنْ شَاءَ، فَلَزِمَ أَنَّهُ يُورَثُ، مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ خَوْفَهُ مِنْهُمْ لِاحْتِمَالِ سُرْعَتِهِمْ مِنْ جِهَةِ تَغْيِيرِ أَحْكَامِ شَرْعِهِ، فَطَلَبَ وَلَدًا يَرِثُ نُبُوَّتَهُ لِيَحْفَظَهَا.
قَالَ الْبَاجِيُّ: أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ هَذَا حُكْمُ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: إِنَّ ذَلِكَ لِنَبِيِّنَا خَاصَّةً.
وَقَالَتِ الْإِمَامِيَّةُ: جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ يُورَثُونَ، وَتَعَلَّقُوا فِي ذَلِكَ بِأَنْوَاعٍ مِنَ التَّخْلِيطِ لَا شُبْهَةَ فِيهَا مَعَ وُرُودِ هَذَا النَّصِّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْفَرَائِضِ، وَمُسْلِمٌ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَمُسْلِمٌ فِي الْمَغَازِي عَنْ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْخَرَاجِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الْفَرَائِضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute