وَحَدَّثَنِي مَالِك عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَخْ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهِ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ»
ــ
١٨٧٥ - ١٨٢٨ - (مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ) زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ الْخَزْرَجِيُّ (أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ) ، أَيْ أَكْثَرَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلِذَا لَمْ يَقُلْ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ، فَهُوَ مِنَ التَّفْضِيلِ عَلَى التَّفْضِيلِ، قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ (بِالْمَدِينَةِ مَالًا) ، تَمْيِيزٌ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَالُ (مِنْ نَخْلٍ) بَيَانٌ لِمَالٍ، (وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ) ، هِيَ حَوَائِطُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَتْ دَارُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَالدَّارُ الَّتِي تَلِيهَا حَوَائِطَ لِأَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ قَصْرُ بَنِي حُدَيْلَةَ حَائِطًا لَهُ، يُقَالُ لَهَا: بَيْرُحَاءُ، قَالَ الْحَافِظُ: وَمُرَادُهُ بِدَارِ أَبِي جَعْفَرٍ الَّتِي صَارَتْ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعُرِفَتْ بِهِ، وَهُوَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ الْخَلِيفَةُ الْعَبَّاسِيُّ، وَقَصْرُ بَنِي حُدَيْلَةَ - بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ - مُصَغَّرٌ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ بِجِيمٍ بَطْنٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَنُسِبَ إِلَيْهِ بِسَبَبِ الْمُجَاوَرَةِ، وَإِلَّا فَالَّذِي بَنَاهُ مُعَاوِيَةُ، لَمَّا اشْتَرَى حِصَّةَ حَسَّانَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، لِيَكُونَ لَهُ حِصْنًا، وَجَعَلَ لَهُ بَابَيْنِ أَحَدُهُمَا شَارِعٌ عَلَى خَطِّ بَنِي حُدَيْلَةَ، وَالْآخَرُ فِي الزَّاوِيَةِ الشَّرْقِيَّةِ، وَالَّذِي بَنَاهُ لِمُعَاوِيَةَ الطُّفَيْلُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَبَّةَ، وَغَيْرُهُ (بَيْرُحَاءَ) ، قَالَ الْبَاجِيُّ: قَرَأْنَاهُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute