وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ بَلَغَنِي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ إِحْدَى صَلَاتَيْ النَّهَارِ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ فَسَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَصُرَتْ الصَّلَاةُ وَمَا نَسِيتُ فَقَالَ ذُو الشِّمَالَيْنِ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَقِيَ مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ سَلَّمَ»
ــ
٢١٢ - ٢١٠ - (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى اسْمٍ وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ عَارِفٌ بِالنَّسَبِ (ابْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْمُثَلَّثَةِ ابْنِ غَانِمٍ الْعَدَوِيِّ، وَفِي الْإِصَابَةِ أَبُوهُ سُلَيْمَانُ لَهُ رُؤْيَةٌ وَجَدُّهُ أَبُو حَثْمَةَ صَحَابِيٌّ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ (قَالَ: بَلَغَنِي) قَالَ أَبُو عُمَرَ: حَدِيثُهُ هَذَا مُنْقَطِعٌ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ ( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ إِحْدَى صَلَاتَيِ النَّهَارِ» ) لَا تُخَالِفُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَشِيَّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْيَاءِ مِنَ الزَّوَالِ وَقَدْ قَالَ (الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ) بِالشَّكِّ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ (مِنِ اثْنَتَيْنِ) أَيْ مِنْ رَكْعَتَيْنِ (فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ) رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ أَيْ مِنْ حُلَفَائِهِمْ وَهُوَ خُزَاعِيٌّ وَاسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ الْحَافِظُ: اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الزُّهْرِيَّ وَهِمَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قُتِلَ بِبَدْرٍ وَهِيَ قَبْلَ إِسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ سِنِينَ وَإِنَّمَا هُوَ ذُو الْيَدَيْنِ عَاشَ مُدَّةً بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَجَوَّزَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ وَقَعَتْ لِكُلٍّ مِنْ ذِي الشِّمَالَيْنِ وَذِي الْيَدَيْنِ، وَأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَوَى الْحَدِيثَيْنِ فَأَرْسَلَ أَحَدَهُمَا وَهُوَ قِصَّةُ ذِي الشِّمَالَيْنِ، وَشَاهَدَ الثَّانِيَ وَهُوَ قِصَّةُ ذِي الْيَدَيْنِ، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ ذَا الشِّمَالَيْنِ كَانَ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا ذُو الْيَدَيْنِ وَبِالْعَكْسِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ الِاشْتِبَاهِ، قَالَ: وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنَّ اسْمَ ذِي الْيَدَيْنِ الْخِرْبَاقُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ وَكَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ، وَهَذَا مَنْبَعُ مَنْ يُوَحِّدُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي نَظَرِي، وَإِنْ كَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَمَنْ تَبِعَهُ جَنَحُوا إِلَى التَّعَدُّدِ لِاخْتِلَافِ السِّيَاقَيْنِ، فَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ سَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي الْمَسْجِدِ» ، وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ «أَنَّهُ سَلَّمَ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَأَنَّهُ دَخَلَ مَنْزِلَهُ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ» ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ حَكَى الْعَلَائِيُّ أَنَّ بَعْضَ شُيُوخِهِ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ سَلَّمَ فِي ابْتِدَاءِ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ وَاسْتَبْعَدَهُ، وَلَكِنَّ طَرِيقَ الْجَمْعِ يُكْتَفَى فِيهَا بِأَدْنَى مُنَاسَبَةٍ، وَلَيْسَ بِأَبْعَدَ مِنْ دَعْوَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ ذِي الْيَدَيْنِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ سَأَلَ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَفْهَمَ الصَّحَابَةَ عَنْ صِحَّةِ قَوْلِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَعَلَّ الرَّاوِيَ لَمَّا رَآهُ تَقَدَّمَ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى جِهَةِ الْخَشَبَةِ ظَنَّ أَنَّهُ دَخَلَ مَنْزِلَهُ لِأَنَّ الْخَشَبَةَ كَانَتْ فِي جِهَتِهِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَرِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute