للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» قَالَ مَالِكٌ مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلَ نَهَارِهِ وَهُوَ يُرِيدُ بِذَلِكَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْغُسْلَ لَا يَجْزِي عَنْهُ حَتَّى يَغْتَسِلَ لِرَوَاحِهِ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُعَجِّلًا أَوْ مُؤَخِّرًا وَهُوَ يَنْوِي بِذَلِكَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ فَأَصَابَهُ مَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْوُضُوءُ وَغُسْلُهُ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ

ــ

٢٣١ - ٢٢٩ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ) بِإِضَافَةِ أَحَدٍ إِلَى ضَمِيرِ الْجَمْعِ وَذَلِكَ يَعُمُّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّ الْغُسْلَ يُسَنُّ لِمَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ أَوْ لَا مِنْ مُسَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوِ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ إِذَا أَتَوْهَا وَلِمَالِكٍ (فِي الْمُخْتَصَرِ) أَنَّ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ إِنْ حَضَرَهَا لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ شُرِعَ لَهُ الْغُسْلُ وَسَائِرُ آدَابِ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ حَضَرَهَا لِأَمْرٍ اتِّفَاقِيٍّ أَوْ لِمُجَرَّدِ الصَّلَاةِ فَلَا.

(الْجُمُعَةَ) أَيِ الصَّلَاةَ أَوِ الْمَكَانَ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ، وَذَكَرَ الْمَجِيءَ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ شَامِلٌ لِمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِالْجَامِعِ.

(فَلْيَغْتَسِلْ) الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْغُسْلَ يَعْقِبُ الْمَجِيءَ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ، رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ ثُمَّ مُسْلِمٌ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: ١٢] (سُورَةُ الْمُجَادِلَةِ: الْآيَةَ ١٢) فَإِنَّ مَعْنَاهُ إِذَا أَرَدْتُمُ الْمُنَاجَاةَ بِلَا خِلَافٍ، وَيُقَوِّي رِوَايَةَ اللَّيْثِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقُ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ رَاحَ» فَهُوَ صَرِيحٌ فِي تَأَخُّرِ الرَّوَاحِ عَنِ الْغُسْلِ، وَبِهَذَا عُلِمَ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَتَمَسَّكَ بِهِ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلْيَوْمِ لَا لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَاحِدٌ وَمَخْرَجُهُ وَاحِدٌ وَقَدْ بَيَّنَ اللَّيْثُ فِي رِوَايَتِهِ الْمُرَادَ وَقَوَّاهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَاسْتَدَلَّ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إِذَا جَاءَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يُشْرَعُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرِ الْجُمُعَةَ خِلَافًا لِأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالْمَفْهُومِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَاقِدٍ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ: وَمَنْ لَمْ يَأْتِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ، كَمَا يَأْتِي.

وَرِوَايَةُ نَافِعٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَشْهُورَةٌ جِدًّا وَقَدِ اعْتَنَى بِتَخْرِيجِ طُرُقِهِ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ فَسَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ سَبْعِينَ نَفْسًا رَوَوْهُ عَنْ نَافِعٍ وَقَدْ تَتَبَّعْتُ مَا فَاتَهُ وَجَمَعْتُ مَا وَقَعَ لِي مِنْ طُرُقِهِ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ لِغَرَضٍ اقْتَضَى ذَلِكَ فَبَلَغَتْ أَسْمَاءُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ مِائَةً وَعِشْرِينَ نَفْسًا، فَمَا يُسْتَفَادُ هُنَا ذِكْرُ سَبَبِ الْحَدِيثِ، فَفِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَقَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ: «كَانَ النَّاسُ يَغْدُونَ فِي أَعْمَالِهِمْ فَإِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ جَاءُوا عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ مُتَغَيِّرَةٌ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» ، وَمِنْهَا ذِكْرُ مَحَلِّ الْقَوْلِ، فَفِي رِوَايَةِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَعْوَادِ هَذَا الْمِنْبَرِ بِالْمَدِينَةِ» " أَخْرَجَهُ يَعْقُوبُ الْجَصَّاصُ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ رِوَايَةِ الْيَسَعِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الْحَكَمِ، وَطَرِيقُ الْحَكَمِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ

<<  <  ج: ص:  >  >>