وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ»
ــ
٢٦٦ - ٢٦٣ - (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً» ) ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهَا: " «مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» " فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا أَضَافَتْ إِلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ لِأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا فِي بَيْتِهِ، أَوْ مَا كَانَ يَفْتَتِحُ بِهِ صَلَاةَ اللَّيْلِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْهَا أَنَّهُ كَانَ يَفْتَتِحُهَا بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، وَهَذَا أَرْجَحُ فِي نَظَرِي لِأَنَّ رِوَايَةَ أَبِي سَلَمَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْحَصْرِ جَاءَ فِي صِفَتِهَا يُصَلِّي أَرْبَعًا ثُمَّ أَرْبَعًا ثُمَّ ثَلَاثًا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَتَعَرَّضْ لِلرَّكْعَتَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ وَتَعَرَّضَتْ لَهُمَا هُنَا فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ، وَالزِّيَادَةُ مِنَ الْحَافِظِ مَقْبُولَةٌ.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ مَسْرُوقٍ: " «سُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاللَّيْلِ فَقَالَتْ: سَبْعًا وَتِسْعًا وَإِحْدَى عَشْرَةَ سِوَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ» " وَمُرَادُهَا أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَتَارَةً سَبْعًا وَتَارَةً إِلَى آخِرِهِ.
وَرِوَايَةُ الْقَاسِمِ عَنْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: " «كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ» " مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ غَالِبَ حَالِهِ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَشْكَلَتْ رِوَايَاتُ عَائِشَةَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ حَتَّى نَسَبَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَهَا إِلَى الِاضْطِرَابِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَتِمُّ لَوْ كَانَ الرَّاوِي عَنْهَا وَاحِدًا وَأَخْبَرَتْ عَنْ وَقْتٍ وَاحِدٍ.
وَالصَّوَابُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ ذَكَرَتْهُ مِنْ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ بِحَسْبِ النَّشَاطِ وَبَيَانِ الْجَوَازِ، ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: ذَكَرَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْ أَنَّ رِوَايَةَ عَائِشَةَ اضْطَرَبَتْ فِي الْحَجِّ وَالرَّضَاعِ وَصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاللَّيْلِ وَقَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ قَالَ: وَهَذَا غَلَطٌ مِمَّنْ قَالَهُ فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute