أَحْفَظُ الصَّحَابَةِ أَيْ مِنْ أَحْفَظِهِمْ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى هَذَا قِلَّةُ مَعْرِفَتِهِ بِمَعَانِي الْكَلَامِ وَوُجُوهِ التَّأْوِيلِ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ إِخْبَارٌ عَنْ صَلَاتِهِ الْمُعْتَادَةِ غَالِبًا، وَالثَّانِي إِخْبَارٌ عَنْ زِيَادَةٍ وَقَعَتْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَوْ ضَمَّتْ مَا كَانَ يَفْتَتِحُ بِهِ صَلَاتَهُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ الْإِحْدَى عَشْرَةَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ذَكَرَ قَوْمٌ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَامٍ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ ذَلِكَ بِخَمْسٍ لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْخَمْسِ رَكَعَاتٍ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ، رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ وَوُهَيْبٌ وَغَيْرُهُمْ، وَأَكْثَرُ الْحُفَّاظِ رَوَوْهُ عَنْ هِشَامٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، وَالرِّوَايَةُ الْمُخَالِفَةُ لَهُ إِنَّمَا حَدَّثَ بِهَا عَنْ هِشَامٍ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَمَا حَدَّثَ بِهِ هِشَامٌ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الْعِرَاقِ أَصَحُّ عِنْدَهُمْ.
(ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ) أَيِ الْأَذَانَ (بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) رَغِيبَتَيِ الْفَجْرِ.
وَفِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ: " حَتَّى إِنِّي لِأَقُولُ: هَلْ قَرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ أَمْ لَا؟ " وَاخْتُلِفَ فِي حِكْمَةَ تَخْفِيفِهَا فَقِيلَ لِيُبَادِرَ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَبِهِ جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ، وَقِيلَ لِيَسْتَفْتِحَ صَلَاةَ النَّهَارِ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ لِيَدْخُلَ فِي الْفَرْضِ أَوْ مَا شَابَهَهُ فِي الْفَضْلِ بِنَشَاطٍ وَاسْتِعْدَادٍ تَامٍّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالثَّلَاثَةُ عَنْ قُتَيْبَةَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute