للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَقْصِيرٌ فَعِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: " «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى صَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُنَّ» " فَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ رِوَايَتَيْ سَعِيدٍ وَكُرَيْبٍ، وَأَمَّا مَا فِيهِمَا مِنَ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ فَرِوَايَةُ سَعِيدٍ صَرِيحَةٌ فِي الْوَصْلِ وَرِوَايَةُ كُرَيْبٍ مُحْتَمَلَةٌ فَتُحْمَلُ عَلَى رِوَايَةِ سَعِيدٍ.

وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ: " «يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» " يُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِالثَّمَانِ فَيُوَافِقُ رِوَايَةَ سَعِيدٍ وَيُوَافِقُهُ رِوَايَةُ يَحْيَى الْجَزَّارُ الْآتِيَةُ، وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طَرِيقِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَنْهُ لَمْ يَذْكُرُوا عَدَدًا، وَمَنْ ذَكَرَ الْعَدَدَ مِنْهُمْ لَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْ إِحْدَى عَشْرَةَ، إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا يُخَالِفُهُمْ فَإِنَّ فِيهِ: «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِسِتِّ رَكَعَاتٍ كُلُّ ذَلِكَ يَسْتَاكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيَقْرَأُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ يَعْنِي آخِرَ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ أَوْتَرَ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ» ، فَزَادَ عَلَى الرُّوَاةِ تَكْرَارَ الْوُضُوءِ وَمَا مَعَهُ وَنَقَصَ عَنْهُمْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا وَلَمْ يَذْكُرْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ أَيْضًا، وَأَظُنُّ ذَلِكَ مِنَ الرَّاوِي عَنْهُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ فَإِنَّ فِيهِ مَقَالًا، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْأَرْبَعَ كَمَا لَمْ يَذْكُرِ الْحَكَمَ الثَّمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَأَمَّا الْفَجْرُ فَقَدْ ثَبَتَ ذِكْرُهُ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قِصَّةَ مَبِيتِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اتِّحَادُهَا فَيَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفِ الرِّوَايَاتِ فِيهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَخْذَ بِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَالْأَحْفَظُ أَوْلَى مِمَّا خَالَفَهُمْ فِيهِ مَنْ هُوَ دُونَهُمْ وَلَا سِيَّمَا إِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ وَالْمُحَقَّقُ مِنْ عَدَدِ صَلَاتِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ سُنَّةَ الْعِشَاءِ، وَيُوَافَقُ ذَلِكَ رِوَايَةَ أَبِي جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: " «كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَ عَشْرَةَ» " يَعْنِي بِاللَّيْلِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ سُنَّةُ الْفَجْرِ مِنْهَا أَوْ لَا، وَبَيَّنَهَا يَحْيَى الْجَزَّارُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ: " «كَانَ يُصَلِّي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَيُوتِرُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ» " وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ إِلَّا ظَاهِرُ سِيَاقِ حَدِيثِ الْبَابِ، فَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ وَيَكُونُ مِنْهَا سُنَّةُ الْعِشَاءِ.

وَقَوْلُهُ: ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ. . . . . إِلَخْ، أَيْ بَعْدَ أَنْ قَامَ.

وَجَمَعَ الْكِرْمَانِيُّ بَيْنَ مُخْتَلِفِ رِوَايَاتِ قِصَّةِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذِهِ بِاحْتِمَالِ أَنَّ بَعْضَ رُوَاتِهِ ذَكَرَ الْقَدْرَ الَّذِي اقْتَدَى ابْنُ عَبَّاسٍ بِهِ وَفَصَلَهُ عَمَّا لَمْ يَقْتَدِ بِهِ فِيهِ، وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ الْجَمِيعَ مُجْمَلًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي، وَلَا يَخْفَى مَا فِي جَمْعِهِ هُوَ مِنَ التَّكَلُّفِ الْبَعِيدِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَعَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَقُتَيْبَةَ وَالتِّنِّيسِيِّ وَمِنْ طَرِيقِ مَعْنٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى السَّبْعَةُ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>