للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

( «وَأَخَذَ بِأُذُنِي» ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمُعْجَمَةِ (الْيُمْنَى) حَالَ كَوْنِهِ (يَفْتِلُهَا) أَيْ يُدَلِّكُهَا زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: " «فَعَرَفْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِيُؤَنِّسَنِي بِيَدِهِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ» ".

وَلِمُسْلِمٍ: " «فَجَعَلْتُ إِذَا أَغْفَيْتُ أَخَذَ بِشَحْمَةِ أُذُنِي» " وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَخْذَ الْأُذُنِ إِنَّمَا كَانَ حَالَ إِدَارَتِهِ لَهُ مِنَ الْيَسَارِ إِلَى الْيَمِينِ مُتَمَسِّكًا بِرِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ بِلَفْظِ: " «فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ» " لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إِدَارَتِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ أَنْ لَا يَعُودُ إِلَى مَسْكِ أُذُنِهِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ تَأْنِيسِهِ وَإِيقَاظِهِ لِأَنَّ حَالَهُ يَقْتَضِي ذَلِكَ لِصِغَرِ سِنِّهِ، وَفِيهِ جَوَازُ فَتْلِ أُذُنِ الصَّغِيرِ وَإِيقَاظِهِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمُتَعَلِّمَ إِذَا تُعُوهِدَ فَتْلَ أُذُنِهِ كَانَ أَدْعَى لِفَهْمِهِ، وَفِيهِ أَنَّ قَلِيلَ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُهَا.

( «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ» ) ذَكَرَهَا سِتَّ مَرَّاتٍ فَالْجُمْلَةُ ثِنْتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ: «يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» .

وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ التَّصْرِيحُ بِالْفَصْلِ أَيْضًا وَأَنَّهُ اسْتَاكَ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ (ثُمَّ أَوْتَرَ) بِوَاحِدَةٍ، وَلِلْبُخَارِيِّ: فَتَنَامَتْ، وَلِمُسْلِمٍ: «فَتَكَامَلَتْ صَلَاتُهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً» وَلِلْبُخَارِيِّ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ كُرَيْبٍ: فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً (ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ) بِلَالٌ كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ، وَلَهُ فِي أُخْرَى: ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ قَامَ (فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) الْفَجْرَ قَبْلَ الصُّبْحِ (ثُمَّ خَرَجَ) مِنَ الْحُجْرَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ (فَصَلَّى الصُّبْحَ) بِالْجَمَاعَةِ، وَاتَّفَقَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ كُرَيْبٍ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ.

وَفِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ عَنْهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: «فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ» فَخَالَفَ شَرِيكٌ الْأَكْثَرَ، وَرِوَايَتُهُمْ مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَتِهِ لِمَا مَعَهُمْ مِنَ الزِّيَادَةِ وَلِكَوْنِهِمْ أَحْفَظَ مِنْهُ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمُ الزِّيَادَةَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَشَاءِ وَبُعْدُهُ لَا يَخْفَى لَا سِيَّمَا مَعَ رِوَايَةِ حَدِيثِ الْبَابِ، وَحَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَخَّرَهُمَا حَتَّى اسْتَيْقَظَ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْمِنْهَالِ الْآتِيَةِ قَرِيبًا وَاخْتُلِفَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا، فَلِلْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ عَنْهُ: " «فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ نَامَ ثُمَّ صَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ» " وَحَمَلَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ عَلَى سُنَّةِ الْعِشَاءِ لِوُقُوعِهَا قَبْلَ النَّوْمِ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ هُوَ مِنْ طَرِيقِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: " «فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُهُ ثُمَّ انْصَرَفَ» " فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ صَلَّى الْأَرْبَعَ فِي الْمَسْجِدِ لَا فِي الْبَيْتِ.

وَرِوَايَةُ ابْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا تَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى خَمْسِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ النَّوْمِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَظَهَرَ لِي مِنْ رِوَايَةٍ أُخْرَى مَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ، وَيُوَضِّحُ أَنَّ رِوَايَةَ الْحَكَمِ وَقَعَ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>