للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَتَعَقَّبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ بِمَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا: " «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ تُشْبِهُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ» " وَقَدْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَأَخْرَجَ هُوَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.

وَأَخْرَجَ هُوَ وَالنَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ كَرَاهَةَ الْوِتْرِ بِثَلَاثٍ.

وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ: وَقَالَ لَا يُشْبِهُ التَّطَوُّعُ الْفَرِيضَةَ، فَهَذَا كُلُّهُ يَقْدَحُ فِي الْإِجْمَاعِ الَّذِي زَعَمَهُ.

وَقَالَ ابْنُ نَصْرٍ: وَلِمَ نَجِدْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرًا صَحِيحًا أَنَّهُ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ مَوْصُولَةٍ، نَعَمْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ، لَكِنْ لَمْ يُبَيِّنِ الرَّاوِي هَلْ هِيَ مَوْصُولَةٌ أَوْ مَفْصُولَةٌ؟ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ عَائِشَةَ: " «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يَقْعُدُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ» " وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: " «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوتِرُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَلَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ» ".

وَبَيَّنَ فِي عِدَّةِ طُرُقٍ أَنَّ السُّوَرَ الثَّلَاثَ لِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا لَمْ يَثْبُتَا عِنْدَ ابْنِ نَصْرٍ، وَعَلَى الثُّبُوتِ فَفَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، فَإِذَنِ النِّزَاعُ إِنَّمَا هُوَ فِي تَعَيُّنِ الثَّلَاثِ مَوْصُولَةً وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ تَأْبَاهُ، وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْوِتْرِ.

وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ: " «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَهُوَ جَالِسٌ» " وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَجَعَلُوا الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ: " «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» " مُخْتَصًّا بِمَنْ أَوْتَرَ آخِرَ اللَّيْلِ.

وَأَجَابَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ بِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ هُمَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ، وَحَمَلَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ لِبَيَانِ جَوَازِ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَجَوَازِ التَّنَفُّلِ جَالِسًا، وَقَدْ ذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنْ يُصَلِّيَ شَفْعًا مَا أَرَادَ وَلَا يَنْقُضُ وِتْرَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» " رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ.

وَأَخْرَجَ حَدِيثَ الْبَابِ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>