(مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ (مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ) بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْقُرَشِيِّ الْمَدَنِيِّ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذَكْوَانَ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَيْنَمَا) بِالْمِيمِ وَأَصْلُهُ بَيْنَ فَأُشْبِعَتْ فَتْحَةُ النُّونِ فَصَارَتْ أَلِفًا وَزِيدَتِ الْمِيمُ، ظَرْفُ زَمَانٍ مُضَافٌ إِلَى جُمْلَةٍ مِنْ فِعْلٍ وَفَاعِلٍ وَمُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ وَهُوَ هُنَا (رَجُلٌ) النَّكِرَةُ الْمُخَصَّصَةُ بِالصِّفَةِ وَهِيَ (يَمْشِي بِطَرِيقٍ) أَيْ فِيهَا (إِذْ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ) نَحَّاهُ عَنِ الطَّرِيقِ (فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ) قَالَ الْحَافِظُ: أَيْ رَضِيَ فِعْلَهُ وَقَبِلَ مِنْهُ (فَغَفَرَ لَهُ) ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ جَازَاهُ عَلَى ذَلِكَ بِالْمَغْفِرَةِ أَوْ أَثْنَى عَلَيْهِ ثَنَاءً اقْتَضَى الْمَغْفِرَةَ لَهُ، أَوْ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِشُكْرِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِجَمِيلِ فِعْلِهِ، قَالَ: وَمَعْنَى تَعَلُّقِ نَزْعِ الشَّوْكِ مِنَ الطَّرِيقِ بِالتَّرْجَمَةِ أَنَّهُ غَفَرَ لَهُ مَعَ نَزَارَةِ هَذَا الْفِعْلِ فَكَيْفَ بِإِتْيَانِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ، وَتَعَسُّفُهُ لَا يَخْفَى، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَمْشِيَتِهِ فِي هَذَا فَكَيْفَ يَصْنَعُ بِالْحَدِيثِ بَعْدَهُ؟ تَبِعَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي هَذَا التَّوْجِيهِ وَاعْتَرَفَ بِعَدَمِ مُنَاسَبَةِ الثَّانِي، فَإِنَّمَا أَدَّى الْإِمَامُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي سَمِعَهُ وَلَيْسَ غَرَضُهُ مِنْهُ إِلَّا الْحَدِيثَ الْأَخِيرَ وَهُوَ: " «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» "، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: تَرَى الْجُهَّالَ يَعْبَثُونَ فِي تَأْوِيلِهَا وَلَا تَعَلُّقَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي مِنْهَا بِالْبَابِ أَصْلًا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَنَّهَا تُوجِبُ الْغُفْرَانَ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ الْعَاقِلِ أَنْ يَحْتَقِرَ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ فَرُبَّمَا غُفِرَ لَهُ بِأَقَلِّهَا، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» "، وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] (سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ: الْآيَةُ ٧) ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَتَى تَفْعَلُ الْكَثِيرَ مِنَ الْخَيْرِ ... إِذَا كُنْتَ تَارِكًا لِأَقَلِّهِ
(وَقَالَ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ (الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ) بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ: (الْمَطْعُونُ) الْمَيِّتُ بِالطَّاعُونِ وَهُوَ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ يَخْرُجُ فِي الْآبَاطِ وَالْمَرَاقِ.
(وَالْمَبْطُونُ) الْمَيِّتُ بِمَرَضِ الْبَطْنِ أَوْ الِاسْتِسْقَاءِ أَوِ الْإِسْهَالِ.
(وَالْغَرِقُ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَقَافٍ، الْمَيِّتُ بِالْغَرَقِ.
(وَصَاحِبُ الْهَدْمِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْمَيِّتُ تَحْتَهُ.
(وَالشَّهِيدُ) الَّذِي قُتِلَ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) فَكَأَنَّهُ قَالَ الْمَقْتُولُ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالشَّهِيدِ.
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ ثُمَّ الْمُصَنَّفِ فِيمَا يَأْتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute