للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَقِيلَ: الصُّبْحُ أَوِ الْعَصْرُ عَلَى التَّرْدِيدِ الْمُتَقَدِّمِ الْجَازِمِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُقَالُ لَهَا الْوُسْطَى وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَوِ الْخَوْفُ أَوِ الْوِتْرُ أَوْ صَلَاةُ عِيدِ الْأَضْحَى أَوْ صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ صَلَاةُ الضُّحَى أَوْ وَاحِدَةٌ مِنَ الْخَمْسِ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ أَوِ التَّوَقُّفُ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَلِفِينَ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، أَوْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، فَهَذِهِ عِشْرُونَ قَوْلًا، وَزَادَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَصَارَ إِلَى أَنَّهَا أُبْهِمَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ وَعُسْرِ التَّرْجِيحِ اهـ.

فَإِنْ أَرَادَ أُبْهِمَتْ فِي الْخَمْسِ فَهُوَ الْقَوْلُ الْمَحْكِيُّ، وَإِنْ أَرَادَ أُبْهِمَتْ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْخَمْسِ فَيَكُونُ زَائِدًا، وَقَدْ ضَعَّفَ الْقُرْطُبِيُّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى خِلَافِ عَادَةِ الْفُصَحَاءِ لِأَنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَ شَيْئًا مُفَصَّلًا مُبَيَّنًا ثُمَّ يَذْكُرُونَهُ مُجْمَلًا، بَلْ يَذْكُرُونَ الشَّيْءَ مُجْمَلًا أَوْ كُلِّيًّا ثُمَّ يُفَصِّلُونَهُ، وَأَيْضًا لَا يُطْلِقُونَ لَفْظَ الْجَمْعِ وَيَعْطِفُونَ عَلَيْهِ أَحَدَ أَفْرَادِهِ وَيُرِيدُونَ بِذَلِكَ الْفَرْدِ ذَلِكَ الْجَمْعَ إِذْ ذَاكَ غَايَةٌ فِي الْإِلْبَاسِ، وَأَيْضًا فَلَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ كَانَ كَأَنَّهُ قِيلَ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ وَيُرِيدُ بِالثَّانِي الْأَوَّلَ وَهَذَا لَيْسَ فَصِيحًا فِي لَفْظِهِ وَلَا صَحِيحًا فِي مَعْنَاهُ، إِذْ لَا يَحْصُلُ بِالثَّانِي تَأْكِيدُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَلَا يُفِيدُ مَعْنًى آخَرَ فَيَكُونُ حَشْوًا، فَحَمْلُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ غَيْرُ سَائِغٍ وَلَا جَائِزٍ، كَذَا قَالَ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى فَهْمِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَوَاتِ خُصُوصُ الْخَمْسِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَتَنَاوَلُ الْفَرَائِضَ وَالنَّوَافِلَ، فَعَطْفُ الْوُسْطَى مُرَادًا بِهَا الْفَرَائِضَ لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّشْرِيفِ كَمَا قَدَّمْنَا وَهَذَا سَائِغٌ جَائِزٌ، وَبَعْدَ وُرُودِهِ عَنْ صَحَابِيٍّ قَالَ إِنَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لَا يَلِيقُ التَّشْغِيبُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْعَقْلِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>