وَفَتْحِ الْفَاءِ (عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ) بِمُثَلَّثَةٍ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو اللَّيْثِيِّ وَرُبَّمَا سُمِّيَ عُمَرَ وُلِدَ عَامَ إِحْدَى عَشَرَ وَرَأَى النَّبِيَّ وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَمَنْ بَعْدَهُ، وَعُمِّرَ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ، قَالَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ.
(أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ) بْنِ عَمْرَو بْنِ أَوْسٍ الْأَنْصَارِيَّ الْخَزْرَجِيَّ، مَشْهُورٌ مِنْ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا وَكَانَ إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي الْعِلْمِ بِالْأَحْكَامِ وَالْقُرْآنِ، مَاتَ بِالشَّامِ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ.
(أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ) أَيِ الصَّحَابَةُ (خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عَامَ تَبُوكَ) بِمَنْعِ الصَّرْفِ لِوَزْنِ الْفِعْلِ كَتَقَوُلُ (فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) أَيْ جَمْعَ تَأْخِيرٍ كَذَا حَمَلَهُ الْبَاجِيُّ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذٍ: " «أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَهَا إِلَى الْعَصْرِ فَيُصَلِّيَهِمَا جَمِيعًا، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا» لَكِنْ أَعَلَّهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ بِتَفَرُّدِ قُتَيْبَةَ بِهِ عَنِ اللَّيْثِ، بَلْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ بَعْضَ الضُّعَفَاءِ أَدْخَلَهُ عَلَى قُتَيْبَةَ حَكَاهُ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذٍ، وَهِشَامٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَقَدْ خَالَفَهُ الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ الزُّبَيْرِ كَمَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَالثَّوْرِيِّ وَقُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ وَغَيْرِهِمْ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِي رِوَايَتِهِمْ جَمْعَ التَّقْدِيمِ، وَبِهِ احْتَجَّ مَنْ أَبَى جَمْعَ التَّقْدِيمِ، وَجَاءَ فِيهِ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ فِي مَنْزِلِهِ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ وَإِذَا لَمْ تَزِغْ فِي مَنْزِلِهِ رَكِبَ حَتَّى إِذَا كَانَ الْعَصْرُ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ» " وَفِيهِ رَاوٍ ضَعِيفٌ لَكِنَّ لَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ إِلَّا أَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِي رَفْعِهِ، وَالْمَحْفُوظُ وَقْفُهُ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ بِالْجَزْمِ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ فِي تَقْدِيمِ الْوَقْتِ حَدِيثٌ قَائِمٌ.
(قَالَ: فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا) جَمْعَ تَأْخِيرٍ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ بِأَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالْعَصْرَ فِي أَوَّلِهِ، وَتَعَقَّبَهُ الْخَطَّابِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّ الْجَمْعَ رُخْصَةٌ فَلَوْ كَانَ صُورِيًّا لَكَانَ أَعْظَمَ ضِيقًا مِنَ الْإِتْيَانِ بِكُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا، لِأَنَّ أَوَائِلَ الْأَوْقَاتِ وَأَوَاخِرَهَا مِمَّا لَا يُدْرِكُهُ أَكْثَرُ الْخَاصَّةِ فَضْلًا عَنِ الْعَامَّةِ، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ رُخْصَةٌ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحَرِّجَ عَلَى أُمَّتِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَأَيْضًا فَصَرِيحُ الْأَخْبَارِ أَنَّ الْجَمْعَ فِي وَقْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute