للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْ لَفْظِ الْجَمْعِ.

(ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا) قَالَ الْبَاجِيُّ: مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مُقِيمٌ غَيْرُ سَائِرٍ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الدُّخُولِ إِلَى الْخِبَاءِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ وَهُوَ الْغَالِبُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ دَخَلَ إِلَى الطَّرِيقِ مُسَافِرًا ثُمَّ خَرَجَ عَنِ الطَّرِيقِ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ دَخَلَهُ لِلسَّيْرِ وَفِيهِ بُعْدٌ وَكَذَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ وَاسْتَبْعَدَهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى رَدِّ مَنْ قَالَ: لَا يَجْمَعُ إِلَّا مَنْ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ، وَهُوَ قَاطِعٌ لِلِالْتِبَاسِ اهـ.

فَفِيهِ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ نَازِلًا وَسَائِرًا وَكَأَنَّهُ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَكَانَ أَكْثَرَ عَادَتِهِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ: " «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا زَاغَتْ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ» "، وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: " وَإِذَا زَالَتْ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ ارْتَحَلَ " وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: تَرْكُ الْجَمْعِ لِلْمُسَافِرِ أَفْضَلُ.

وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ بِكَرَاهَتِهِ.

وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَخْصِيصُ حَدِيثِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي بَيَّنَهَا جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيَّنَهَا النَّبِيُّ لِلْأَعْرَابِيِّ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِهَا: " «الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ» "، (ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ) تَبَرُّكًا وَامْتِثَالًا لِلْآيَةِ (عَيْنَ تَبُوكَ) الَّتِي بِهَا، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ لِوُقُوعِ هَذَا الْقَوْلِ قَبْلَ إِتْيَانِهَا بِيَوْمٍ.

(وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يَضْحَى النَّهَارُ) يَرْتَفِعَ قَوِيًّا (فَمَنْ جَاءَهَا) أَيْ قَبْلِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ) بِالْمَدِّ: أَجِيءَ، قَالَ الْبَاجِيُّ: وَفِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ الْمَنْعُ مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ كَالْمَاءِ وَالْكَلَأِ لِلْمَصْلَحَةِ (فَجِئْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهَا رَجُلَانِ وَالْعَيْنُ تَبِضُّ) بِضَادٍ مُهْمَلَةٍ رَوَاهُ يَحْيَى وَجَمَاعَةٌ أَيْ تَبْرُقُ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَعْنَبِيُّ بِمُعْجَمَةٍ أَيْ تَقْطُرُ وَتَسِيلُ يُقَالُ بَضَّ الْمَاءُ وَضَبَّ عَلَى الْقَلْبِ بِمَعْنًى وَالْوَجْهَانِ مَعًا صَحِيحَانِ.

(بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ) يُشِيرُ إِلَى تَقْلِيلِهِ اهـ.

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمُوَطَّأِ تَبِضُّ بِالضَّادِ الْمَنْقُوطَةِ وَعَلَيْهَا النَّاسُ.

(فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ: هَلْ مَسِسْتُمَا) بِكَسْرِ السِّينِ الْأُولَى عَلَى الْأَفْصَحِ وَتُفْتَحُ (مِنْ مَائِهَا شَيْئًا؟ فَقَالَا: نَعَمْ) قَالَ الْبَاجِيُّ: لِأَنَّهُمَا لَمْ يَعْلَمَا نَهْيَهُ أَوْ حَمَلَاهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ نَسِيَاهُ إِنْ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ.

وَرَوَى أَبُو بِشْرٍ الدُّولَابِيُّ أَنَّهُمَا كَانَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ (فَسَبَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ) لِنِفَاقِهِمَا أَوْ عَمَلِ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، فَإِنْ كَانَا لَمْ يَعْلَمَا أَوْ نَسِيَا فَكَأَنَّهُ سَبَّهُمَا إِذْ كَانَا سَبَبًا لِفَوَاتِ مَا أَرَادَهُ مِنْ إِظْهَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>