للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُعْجِزَةِ كَمَا يُسَبُّ السَّاهِي وَالنَّاسِي وَيُلَامَانِ إِذَا كَانَا سَبَبًا لِفَوَاتِ مَحْرُوسٍ عَلَيْهِ اهـ.

(ثُمَّ غَرَفُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعَيْنِ قَلِيلًا قَلِيلًا) بِالتَّكْرَارِ دَلِيلًا عَلَى نِهَايَةِ الْقِلَّةِ (حَتَّى اجْتَمَعَ) الْمَاءُ الَّذِي غَرَفُوهُ (فِي شَيْءٍ) مِنَ الْأَوَانِي الَّتِي كَانَتْ مَعَهُمْ وَلَا قَلْبَ فِيهِ، وَأَنَّ أَصْلَهُ غَرَفُوا فِي شَيْءٍ حَتَّى اجْتَمَعَ مَاءٌ كَثِيرٌ كَمَا تُوُهِّمَ (ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ فِيهِ) أَيِ الشَّيْءِ أَيِ الْإِنَاءِ (وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ) لِلْبَرَكَةِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فِيهِ ضَمِيرُ فِيهِ لِلْمَاءِ أَيْ بِهِ وَعَبَّرَ بِفِيِ لِمُشَاكَلَةِ قَوْلِهِ (ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ) وَفِي مُسْلِمٍ: بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ، أَوْ قَالَ: غَزِيرٍ، شَكَّ أَبُو عَلِيٍّ أَيْ رَاوِيهِ عَنْ مَالِكٍ.

(فَاسْتَقَى النَّاسُ) شَرِبُوا وَسَقَوْا دَوَابَّهُمْ فَهُوَ إِخْبَارٌ عَنْ كَثْرَةِ الْمَاءِ وَهُمْ جَيْشٌ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ.

(ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ يُوشِكُ) يَقْرُبُ وَيُسْرِعُ مِنْ غَيْرِ بُطْءٍ (يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ) أَيْ إِنْ أَطَالَ اللَّهُ عُمُرَكَ وَرَأَيْتَ هَذَا الْمَكَانَ (أَنْ تَرَى) بِعَيْنِكَ فَاعِلُ يُوشِكُ وَأَنَّ بِالْفَتْحِ مَصْدَرِيَّةٌ (مَا) مَوْصُولَةٌ أَيِ الَّذِي (هَاهُنَا) إِشَارَةٌ لِلْمَكَانِ (قَدْ مُلِئَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُهُ الضَّمِيرُ أَيْ هُوَ (جِنَانًا) نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جَنَّةٍ بِفَتْحِهَا أَيْ يَكْثُرُ مَاؤُهُ وَيَخْصُبُ أَرْضُهُ فَيَكُونُ بَسَاتِينَ ذَاتَ أَشْجَارٍ كَثِيرَةٍ وَثِمَارٍ، قَالَ الْبَاجِيُّ: وَهَذَا إِخْبَارٌ بِغَيْبٍ قَدْ وَقَعَ، وَخَصَّ مُعَاذًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتَوْطَنَ الشَّامَ وَبِهَا مَاتَ، فَعَلِمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَحْيِ أَنَّهُ سَيَرَى ذَلِكَ الْمَوْضِعَ كَمَا ذَكَرَ، وَأَنَّهُ يَمْتَلِئُ جِنَانًا بِبَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُعْجِزَةٌ غَيْرَ هَذِهِ لَتَبَيَّنَ صِدْقُهُ وَظَهَرَتْ حُجَّتُهُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: أَنَا رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ كُلَّهُ حَوَالَيْ تِلْكَ الْعَيْنِ جِنَانًا خَضِرَةً نَضِرَةً وَلَعَلَّهُ يَتَمَادَى إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ وَهَكَذَا النُّبُوَّةُ، وَأَمَّا الشَّجَرُ فَلَا يَبْقَى بَعْدَ مُفَارَقَةِ صَاحِبِهِ اهـ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي فَضَائِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ بِهِ سِوَى الشَّكِّ الَّذِي ذَكَرْتُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>