جَرِيرٍ: صَلَّاهَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ افْتَتَحَ الْمَدَايِنَ فِي إِيوَانِ كِسْرَى، قَالَ وَهِيَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهَا وَتُصَلَّى بِإِمَامٍ.
قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَمِنْ سُنَنِهَا أَيْضًا أَنْ لَا يُجْهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا صِلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَقِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ قَضَاءً عَمَّا شَغَلَ عَنْهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مِنْ حِزْبِهِ، وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الصَّوَابَ صِحَّةُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ كُرَيْبٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ: " «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الْفَتْحِ سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» " وَلِمُسْلِمٍ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُرَّةَ عَنْهَا: " «ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ لِسُبْحَةِ الضُّحَى» "، وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: " «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ فَنَزَلَ بِأَعْلَى مَكَّةَ فَصَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: هَذِهِ صَلَاةُ الضُّحَى» " وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ الضُّحَى ثَمَانُ رَكَعَاتٍ، وَاسْتَبْعَدَهُ السُّبْكِيُّ وَلَكِنْ وُجِّهَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَةِ التَّوْقِيفُ وَهَذَا أَكْثَرُ مَا وَرَدَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عِتْبَانَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَابْنِ عُدَيٍّ عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى.
وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ: " «كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا» "، وَفِي الطَّبَرَانِيِّ عَنْ جَابِرٍ: " «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضُّحَى سِتَّ رَكَعَاتٍ» "، وَوَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ كَحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: " «مَنْ صَلَّى الضُّحَى ثِنْتَيْ عَشَرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ» " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَاسْتَغْرَبَهُ وَضَعَّفَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَلَيْسَ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ أُطْلِقُ عَلَيْهِ الضَّعْفُ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: " «مَنْ صَلَّى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ صَلَّى سِتًّا كُفِيَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَمَنْ صَلَّى ثَمَانِيًا كُتِبَ مِنَ الْعَابِدِينَ، وَمَنْ صَلَّى ثِنْتَيْ عَشَرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَ هُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» " وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا.
وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ ثُمَّ الْبَزَّارِ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا، لَكِنْ إِذَا ضُمَّا إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ قَوِيَ وَصَلُحَ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ أَصَحَّ شَيْءٍ وَرَدَ فِي الْبَابِ حَدِيثُ أُمِّ هَانِئٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ بِهِ وَلَهُ طُرُقٌ.
وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيِّ: سَأَلْتُ وَحَرَصْتُ عَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يُخْبِرُنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى فَلَمْ أَجِدْ غَيْرَ أُمِّ هَانِئٍ حَدَّثَتْنِي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ هُوَ ابْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ ذُكِرَ فِي الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيَّنَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ وَقْتَ سُؤَالِهِ فَقَالَ: سَأَلْتُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَالنَّاسُ مُتَوَافِرُونَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute