وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَى إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ»
ــ
٣٨٦ - ٣٨٦ - (مَالِكٌ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ) الْمَدَنِيِّ صَدُوقٌ مَاتَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ (عَنْ أَبِيهِ) عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُهَنِيِّ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٌ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَلَا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالتَّخْفِيفِ حَرْفُ تَنْبِيهٍ يُفِيدُ تَحْقِيقَ مَا بَعْدَهُ لِتَرَكُّبِهَا مِنَ الْهَمْزَةِ وَلَا النَّافِيَةِ وَهَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّفْيِ أَفَادَتِ التَّحْقِيقَ، (أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا) قَالَ الْبَاجِيُّ: كِنَايَةٌ عَنْ غُفْرَانِهَا وَالْعَفْوِ عَنْهَا وَقَدْ يَكُونُ مَحْوُهَا مِنْ كِتَابِ الْحَفَظَةِ دَلِيلًا عَلَى عَفْوِهِ تَعَالَى عَمَّنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ، (وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ) أَيِ الْمَنَازِلَ فِي الْجَنَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ رَفْعَ دَرَجَتِهِ فِي الدُّنْيَا بِالذِّكْرِ الْجَمِيلِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالثَّوَابِ الْجَزِيلِ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحْسَنِ مَا يُرْوَى فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ، وَفِيهِ طَرْحُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ.
زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ الْأَبِّيُّ: جَوَابُهُمْ بِبِلَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَا فِي أَلَا نَافِيَةٌ دَخَلَتْ عَلَيْهَا أَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِلِاسْتِفْتَاحِ (إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ) أَيْ إِكْمَالُهُ وَإِتْمَامُهُ وَاسْتِيعَابُ أَعْضَائِهِ بِالْمَاءِ، قَالَ تَعَالَى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ} [لقمان: ٢٠] (سُورَةُ لُقْمَانَ: الْآيَةُ ٢٠) أَيْ أَتَمَّهَا وَأَكْمَلَهَا (عِنْدَ الْمَكَارِهِ) جَمْعُ مَكْرَهَةٍ بِمَعْنَى الْكُرْهِ وَالْمَشَقَّةِ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: هِيَ شِدَّةُ الْبَرْدِ وَكُلُّ حَالٍ يُكْرِهُ الْمَرْءُ فِيهَا نَفْسَهُ عَلَى الْوُضُوءِ، قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: مِنْ صِدْقِ الْإِيمَانِ وَبِرِّهِ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَمِنْ صِدْقِ الْإِيمَانِ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ الْجَمِيلَةِ فَيَدَعُهَا لَا يَدَعُهَا إِلَّا لِلَّهِ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: وَمِنَ الْمَكَارِهِ شِدَّةُ بَرْدٍ وَعِلَّةُ جِسْمٍ وَقِلَّةُ مَاءٍ وَحَاجَةٌ إِلَى النَّوْمِ وَعَجَلَةٌ إِلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
(وَكَثْرَةُ الْخُطَا) بِالضَّمِّ جَمْعُ خَطْوَةٍ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَالضَّمُّ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ (إِلَى الْمَسَاجِدِ) وَهُوَ يَكُونُ بِبُعْدِ الدَّارِ عَنِ الْمَسْجِدِ، وَيَكُونُ بِكَثْرَةِ التَّكَرُّرِ عَلَيْهِ قَالَ الْيَعْمُرِيُّ: وَفِيهِ أَنَّ بُعْدَ الدَّارِ عَنِ الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ لِبَنِي سَلَمَةَ وَقَدْ أَرَادُوا أَنْ يَتَحَوَّلُوا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ: يَا بَنِي سَلَمَةَ دِيَارُكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ.
وَقَالَ الْأَبِّيُّ عَنِ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا يَمُرُّ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنْ أَبْعَدِ طَرِيقَيْهِ لِيُكْثِرَ الْخُطَا لِأَنَّ الْغَرَضَ الْحُصُولُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالْقَرِيبَةِ، قَالَ: وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ تَنْشِيطٌ لِمَنْ بَعُدَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute