الْأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ مَاتَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ وَقِيلَ بَعْدَهَا ( «أَنَّهُ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ» ) سَيِّدِ الْخَزْرَجِ قَالَ الْبَاجِيُّ: فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَخُصُّ رُؤَسَاءَ النَّاسِ بِزِيَارَتِهِمْ فِي مَجَالِسِهِمْ تَأْنِيسًا لَهُمْ (فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةَ (ابْنُ سَعْدٍ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ ابْنُ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجَيُّ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ بَدْرِيٌّ، وَالِدُ النُّعْمَانَ اسْتُشْهِدَ بِعَيْنِ التَّمْرِ ( «أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ» ) بُقُولِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٥٦] (سُورَةُ الْأَحْزَابِ: الْآيَةُ ٥٦) ( «فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ» ؟) أَيْ فَعَلِمْنَا كَيْفَ اللَّفْظُ اللَّائِقُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْكَ؟ زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ: إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا (قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سُكُوتُهُ حَيَاءً وَتَوَاضُعًا إِذْ فِي ذَلِكَ الرِّفْعَةُ لَهُ فَأَحَبَّ أَنْ لَوْ قَالُوا هُمْ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْتَظِرَ مَا يَأْمُرُهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِمَّا فِي الْقُرْآنِ قَالَهُ الْبَوْنِيُّ (حَتَّى تَمَنَّيْنَا) وَدِدْنَا (أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ) مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ كَرِهَهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ.
(ثُمَّ قَالَ: قُولُوا:) الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ اتِّفَاقًا فَقِيلَ: فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقِيلَ: فِي كُلِّ تَشَهُّدٍ يَعْقُبُهُ سَلَامٌ، وَقِيلَ: كُلَّمَا ذُكِرَ (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ) قَالَ الْحَازِمِيُّ: أَيْ عَظِّمْهُ فِي الدُّنْيَا بِإِعْلَاءِ ذِكْرِهِ وَإِظْهَارِ دِينِهِ وَإِبْقَاءِ شَرِيعَتِهِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِإِجْزَالِ مَثُوبَتِهِ وَتَشْفِيعِهِ فِي أُمَّتِهِ وَأَيِّدْ فَضِيلَتَهُ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، وَلَمَّا كَانَ الْبَشَرُ عَاجِزًا عَنْ أَنْ يَبْلُغَ قَدْرَ الْوَاجِبِ لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَرَّعَ لَنَا أَنْ نُحِيلَ أَمْرَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى نَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَيْ لِأَنَّكَ أَنْتَ الْعَالِمُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ (وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ) أَتْبَاعِهِ قَالَهُ مَالِكٌ لِقَوْلِهِ: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ} [غافر: ٤٦] (سُورَةُ غَافِرٍ: الْآيَةُ ٤٦) أَوْ ذُرِّيَّتِهِ.
الْبَاجِيُّ: الْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهُمُ الْأَتْبَاعُ مِنَ الرَّهْطِ وَالْعَشِيرَةِ.
ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَفْظُ آلٍ مُحْتَمَلٌ، وَقِيلَ: يُفَسَّرُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ قَبْلَهُ (أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ) فَمَا أَجْمَلَهُ مَرَّةً فَسَّرَهُ أُخْرَى ( «كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ» ) وَفِي رِوَايَةٍ بِدُونِ لَفْظِ آلٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَقِيلَ: هِيَ مُقْحَمَةٌ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فِيهِمَا، وَرَدَّهُ الْحَافِظُ بِأَنَّ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَذِكْرَ آلِ مُحَمَّدٍ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ ثَابِتَةٌ فِي أَصْلِ الْخَبَرِ، وَإِنَّمَا حَفِظَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَحْفَظِ الْآخَرُ ( «فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» ) مَحْمُودٌ مَاجِدٌ وَصَرْفًا لِبِنَاءِ الْمُبَالِغَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا تَذْيِيلٌ لِلْكَلَامِ السَّابِقِ وَتَقْرِيرٌ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ، أَيْ إِنَّكَ حَمِيدٌ فَاعِلٌ مَا تَسْتَوْجِبُ بِهِ الْحَمْدَ مِنَ النِّعَمِ الْمُتَكَاثِرَةِ وَالْآلَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute