للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُتَعَاقِبَةِ الْمُتَوَالِيَةِ مَجِيدٌ كَرِيمٌ كَثِيرُ الْإِحْسَانِ إِلَى جَمِيعِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، وَمِنْ مَحَامِدِكَ وَإِحْسَانِكِ أَنْ تُوَجِّهَ صَلَوَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى حَبِيبِكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَآلِهِ (وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ) فِي التَّشَهُّدِ وَهُوَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، رُوِيَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُخَفَّفَةٌ وَبِضَمِّ الْعَيْنِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ عُلِّمْتُمُوهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، قَالَ الْبَرْقِيُّ: وَالْأُولَى أَصَحُّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: كِلَاهُمَا صَحِيحٌ، وَلَمْ يَقُلْ: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى مُوسَى لِأَنَّهُ كَانَ التَّجَلِّي لَهُ بِالْجَلَالِ {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: ١٤٣] (سُورَةُ الْأَعْرَافِ: الْآيَةُ ١٤٣) وَالْخَلِيلُ كَانَ التَّجَلِّي لَهُ بِالْجَمَالِ، لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ وَالْخُلَّةَ مِنْ آثَارِ التَّجَلِّي بِالْجَمَالِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا لَهُ التَّجَلِّي بِالْجَمَالِ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلِيلِ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا لَهُ التَّجَلِّي بِالْوَصْفِ الَّذِي تَجَلَّى بِهِ لِلْخَلِيلِ، فَالَّذِي تَقْتَضِيهِ الْمُشَارَكَةُ فِي الْوَصْفِ لَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ، فَالْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَتَجَلَّى لَهُ بِالْجَمَالِ لِشَخْصَيْنِ بِحَسَبِ مَقَامَيْهِمَا وَإِنِ اشْتَرَكَا فِي وَصْفِ التَّجَلِّي فَتَجَلَّى لِلْخَلِيلِ بِحَسَبِ مَقَامِهِ، وَلِلْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَسَبِ مَقَامِهِ، أَفَادَهُ الْعَارِفُ الْمَرْجَانِيُّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْقَاسِمِ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رَوَيْتُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَارْحَمْ مُحَمَّدًا فَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إِنْ كَانَتْ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خُصَّ بِهَذَا اللَّفْظِ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣] (سُورَةُ النُّورِ: الْآيَةُ ٦٣) وَلِذَا أَنْكَرَ الْعُلَمَاءُ عَلَى يَحْيَى وَمَنْ تَابَعَهُ فِي الرِّوَايَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>