٢٣ - بَابُ الْعَمَلِ فِي جَامِعِ الصَّلَاةِ
- (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ» ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: " «كَانَ لَا يَدَعُ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ وَصَفَ مَا رَأَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْسَى ابْنُ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْأَرْبَعِ، قَالَ الْحَافِظُ: هَذَا الِاحْتِمَالُ بَعِيدٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَالَيْنِ، فَتَارَةً كَانَ يُصَلِّي ثِنْتَيْنِ وَتَارَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا، وَقِيلَ: يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَفِي بَيْتِهِ أَرْبَعًا، أَوْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَرَأَى ابْنُ عُمَرَ مَا فِي الْمَسْجِدِ دُونَ مَا فِي بَيْتِهِ وَاطَّلَعَتْ عَائِشَةُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ، وَيُقَوِّي الْأَوَّلَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: " «كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا ثُمَّ يَخْرُجُ» " قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: الْأَرْبَعُ كَانَتْ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْوَالِهِ وَالرَّكْعَتَانِ فِي قَلِيلِهَا (وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ) ، وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ مَرْفُوعًا: " «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» " وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْعَصْرِ.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ عَلِيٍّ: " «كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» " وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: " «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» " ( «وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ» ) وَقَوْلُهُ: (فِي بَيْتِهِ) لَمْ يَقُلْهُ يَحْيَى وَالْقَعْنَبِيُّ سِوَى هُنَا، فَفِيهِ أَنَّ نَوَافِلَ اللَّيْلِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ رَوَاتِبِ النَّهَارِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَنْ عَمْدٍ، وَإِنَّمَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَشَاغَلُ بِالنَّاسِ فِي النَّهَارِ غَالِبًا وَبِاللَّيْلِ يَكُونُ فِي بَيْتِهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ.
( «وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ» ) زَادَ ابْنُ وَهْبٍ وَجَمَاعَةٌ فِي بَيْتِهِ ( «وَكَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ» ) مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى بَيْتِهِ (فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ) زَادَ ابْنُ بُكَيْرٍ فِي بَيْتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ وَهْبٍ وَجَمَاعَةٌ انْصِرَافَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ قَالَهُ أَبُو عُمَرَ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُبَادِرُ إِلَى الْجُمُعَةِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى الْقَائِلَةِ بِخِلَافِ الظُّهْرِ كَانَ يُبْرِدُ بِهَا فَكَانَ يُقِيلُ قَبْلَهَا.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنَّمَا ذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ الْجُمُعَةَ بَعْدَ الظُّهْرِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي سُنَّةَ الْجُمُعَةِ فِي بَيْتِهِ بِخِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute