الظُّهْرِ، قَالَ: وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَمَّا كَانَتْ بَدَلَ الظُّهْرِ وَاقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى رَكْعَتَيْنِ تَرَكَ التَّنَفُّلَ بَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ خَشْيَةَ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهَا الَّتِي حُذِفَتْ. انْتَهَى.
وَعَلَى هَذَا فَلَا يَتَنَفَّلُ قَبْلَهَا رَكْعَتَيْنِ مُتَّصِلَتَيْنِ بِهَا فِي الْمَسْجِدِ لِهَذَا الْمَعْنَى.
وَلِأَبِي دَاوُدَ وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَيُصَلِّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ» ، وَاحْتَجَّ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى إِثْبَاتِ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عَائِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيُصَلِّي بَعْدَهَا لِرِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ: «كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ قَالَ: كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: كَانَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ لِيَشْتَغِلَ بِالْخُطْبَةِ ثُمَّ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَذَلِكَ مُطْلَقُ نَافِلَةٍ لَا صَلَاةً رَاتِبَةً فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِسُنَّةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَهَا بَلْ هُوَ تَنَفُّلٌ مُطْلَقٌ، وَرَدَ التَّرْغِيبُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: ثُمَّ صَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ.
وَوَرَدَ فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ كَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا» " رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ.
وَعَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الْأَثْرَمِ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ: " «كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا» " وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّهْمِيُّ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْأَثْرَمُ: إِنَّهُ حَدِيثٌ وَاهٍ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ وَاهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَزَادَ: وَلَا يَفْصِلُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: حَدِيثٌ بَاطِلٌ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَفِيهِ ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ مَوْقُوفًا وَهُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ.
وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute