وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ «كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهُوَ أَعْمَى وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالْمَطَرُ وَالسَّيْلُ وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذْهُ مُصَلًّى فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فَأَشَارَ لَهُ إِلَى مَكَانٍ مِنْ الْبَيْتِ فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
ــ
٤١٧ - ٤١٧ - (مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ) بْنِ سُرَاقَةَ بْنِ عَمْرٍو (الْأَنْصَارِيِّ) الْخَزْرَجِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيِّ، صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ وَجُلُّ رِوَايَتِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ أَبُو عُمَرَ، قَالَ يَحْيَى: مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ غَلَطٌ بَيِّنٌ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَلَا مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ (أَنَّ عِتْبَانَ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَسُكُونِ الْفَوْقِيَّةِ (ابْنَ مَالِكِ) بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَجْلَانِ الْأَنْصَارِيَّ السَّالِمِيَّ، صَحَابِيٌّ شَهِيرٌ، مَاتَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، (كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ) أَيْ: حِينِ لَقِيَهُ مَحْمُودٌ وَسَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ لَا حِينَ سُؤَالِهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَيُبَيِّنُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ: فَجِئْتُ إِلَى عِتْبَانَ وَهُوَ شَيْخٌ أَعْمَى يَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَلَا يُخَالِفُ رِوَايَةَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَمَعْمَرٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَيُونُسَ فِي مُسْلِمٍ، وَالزُّبَيْدِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ فِي الطَّبَرَانِيِّ كُلِّهِمْ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَلْلطَّبَرَانِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ: لَمَّا سَاءَ بَصَرِي.
وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَمِرٍ: جُعِلَ بَصَرِي يَكِلُّ، وَكُلُّ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَلَغَ الْعَمَى إِذْ ذَاكَ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَمْلَ رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ: لَمَّا أَنْكَرْتُ بَصَرِي.
وَقَوْلُهُ فِي مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عِتْبَانَ: أَصَابَنِي فِي بَصَرِي بَعْضُ الشَّيْءِ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ عَمَاهُ، لَكِنْ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ بِلَفْظٍ أَنَّهُ عَمِيَ فَأَرْسَلَ، وَجَمَعَ ابْنُ خُزَيْمَةَ بَيْنَ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ، فَقَالَ قَوْلُهُ: قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي هَذَا اللَّفْظُ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ فِي بَصَرِهِ سُوءٌ وَإِنْ كَانَ يُبْصِرُ بَصَرًا مَا، وَعَلَى مَنْ صَارَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُ شَيْئًا، انْتَهَى، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْعَمَى لِقُرْبِهِ مِنْهُ وَمُشَارَفَتِهِ لَهُ فِي فَوَاتِ مَا كَانَ يَعْهَدُهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَبِهَذَا تَأْتَلِفُ الرِّوَايَاتُ.
(وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ظَاهِرُهُ مُشَافَهَةً وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ رِوَايَةِ اللَّيْثِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عِتْبَانَ: أَنَّهُ بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نُسِبَ إِتْيَانُ رَسُولِهِ إِلَى نَفْسِهِ مَجَازًا، لَكِنْ فِي الطَّبَرَانِيِّ، عَنْ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِسَنَدِهِ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ جُمُعَةٍ: لَوْ أَتَيْتَنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِيهِ أَنَّهُ أَتَاهُ يَوْمَ السَّبْتِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ مُخَاطَبَةَ عِتْبَانَ بِذَلِكَ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَتَاهُ مَرَّةً وَبَعَثَ إِلَيْهِ أُخْرَى إِمَّا مُتَقَاضِيًا وَإِمَّا مُذَكِّرًا.
(إِنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالْمَطَرُ وَالسَّيْلُ) سَيْلُ الْمَاءِ، وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ: وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي، فَإِذَا كَانَتِ الْأَمْطَارُ سَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute