رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْمَنْعِ وَبِالْجَوَازِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: وَوَجْهُهُ مَا يَلْحَقُ مِنَ الْمَشَقَّةِ، وَهِيَ صَلَاةٌ سَقَطَ فَرْضُهَا بِطُولِ الْمَسَافَةِ وَبِالْمَشَقَّةِ، وَمِنْ جِهَةِ الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ خَطَبَ بِذَلِكَ يَوْمَ عِيدٍ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ.
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَأَنَّ الْجُمُعَةَ تَلْزَمُهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ، قَالَ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا أَذِنَ لَهُمْ غَيْرُ عُثْمَانَ وَوَجْهُهُ عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] (سُورَةُ الْجُمُعَةِ: الْآيَةُ ٩) وَأَنَّ الْفَرَائِضَ لَيْسَ لِلْأَئِمَّةِ الْإِذْنُ فِي تَرْكِهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِحَسَبِ النَّذْرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْكَرْ عَلَى عُثْمَانَ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ لَا يَجِبُ إِنْكَارُهُ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: لَيْسَ فِي كَلَامِ عُثْمَانَ هَذَا تَصْرِيحٌ بِعَدَمِ الْعَوْدِ إِلَى الْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، حَتَّى يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى سُقُوطِهَا إِذَا وَافَقَ الْعِيدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ تَلْزَمُهُمُ الْجُمُعَةَ لِبُعْدِ مَنَازِلِهِمْ عَنْهَا، انْتَهَى.
(قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ثُمَّ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ فَجَاءَ فَصَلَّى) قَبْلَ الْخُطْبَةِ (ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ) قَالَ أَبُو عُمَرَ: إِذَا كَانَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُقَامَ صَلَاةُ الْعِيدِ بِلَا إِمَامٍ فَالْجُمُعَةُ أَوْلَى، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ.
قَالَ مَالِكٌ: لِلَّهِ فِي أَرْضِهِ فَرَائِضُ لَا يُسْقِطُهَا مَوْتُ الْوَالِي، وَمَنَعَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ كَالْحُدُودِ لَا يُقِيمُهَا إِلَّا السُّلْطَانُ، وَقَدْ صَلَّى بِالنَّاسِ فِي حِصَارِ عُثْمَانَ طَلْحَةُ وَأَبُو أَيُّوبَ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَأَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ وَغَيْرُهُمْ، وَصَلَّى بِهِمْ عَلِيٌّ صَلَاةَ الْعِيدِ فَقَطْ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الصَّوْمِ لِلْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٍ عَنْ يَحْيَى كِلَاهُمَا، عَنْ مَالِكٍ بِهِ لَكِنَّهُمَا اقْتَصَرَا عَلَى الْمَرْفُوعِ. الْمُنْتَهِي إِلَى قَوْلِهِ: مِنْ نُسُكِكُمْ، وَلَمْ يَذْكُرَا مَا بَعْدَهُ، نَعَم أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَضَاحِيِّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ وَمَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهِ تَامًّا فَهُمَا مُتَابِعَانِ لِمَالِكٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute