وَمُهْمَلَةٍ خَفِيفَةٍ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: خَسَفَتْ) بِفَتَحَاتٍ (الشَّمْسُ) زَادَ الْقَعْنَبِيُّ: عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَ) صَلَّى (النَّاسُ مَعَهُ) ، فَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا (فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ) فِيهِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ كَانَتْ سِرًّا، وَكَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِهَا: «فَحَزَرْتُ قِرَاءَتَهُ فَرَأَيْتُ أَنَّهُ قَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ» ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ صَغِيرًا، فَمَقَامُهُ آخِرُ الصُّفُوفِ فَلَمْ يَسْمَعِ الْقِرَاءَةَ، فَحَزْرُ الْمُدَّةِ مَرْدُودٌ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «قُمْتُ إِلَى جَانِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا سَمِعْتُ مِنْهُ حَرْفًا» ، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ.
(قَالَ: «ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا» ) نَحْوَ الْبَقَرَةِ (ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ) مِنَ الرُّكُوعِ ( «فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونُ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ» ) بِنَحْوِ آلِ عِمْرَانَ، فَفِيهِ أَنَّ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ أَقْصَرُ مِنَ الْأُولَى.
(ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا) وَهُوَ الرُّكُوعُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فَأَطَالَ فِيهِمَا نَحْوَ الرُّكُوعِ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ كَمَا مَرَّ، (ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا) بِنَحْوِ النِّسَاءِ (وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ دُونَ الْأَوَّلِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ وَالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الرُّكُوعَ الَّذِي يَلِيهِ، وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَلَا حَرَجَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: إِنَّمَا يُرِيدُ الْقِيَامَ الَّذِي يَلِيهِ لِأَنَّهُ أَبَيْنُ، وَلِأَنَّهُ انْصَرَفَ إِلَى الْقِيَامِ الْأَوَّلِ لَمْ يَعْلَمْ إِنْ كَانَ تَقْدِيرُ الثَّانِي أَكْثَرُ مِنْهُ فَإِضَافَتُهُ إِلَى مَا يَلِيهِ أَوْلَى.
وَفِي فَتْحِ الْبَارِي قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَا خِلَافَ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِقِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا أَطْوَلُ مِنَ الثَّانِيَةِ بِقِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ الثَّانِيَ وَرُكُوعَهُ فِيهِمَا أَقْصَرُ مِنَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ وَرُكُوعِهِ فِيهِمَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنَ الثَّانِيَةِ وَرُكُوعِهِ هَلْ هُمَا أَقْصَرُ مِنَ الْقِيَامِ الثَّانِي مِنَ الْأَوَّلِ وَرُكُوعِهِ أَوْ هُمَا سَوَاءٌ؟ قِيلَ: وَسَبَبُ هَذَا الْخِلَافِ فَهْمُ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، هَلِ الْمُرَادُ بِهِ الْأَوَّلُ مِنَ الثَّانِيَةِ أَوْ يَرْجِعُ إِلَى الْجَمِيعِ فَيَكُونُ كُلُّ قِيَامٍ دُونَ مَا قَبْلَهُ؟ وَرِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ تُعَيَّنُ الثَّانِي وَلَفْظُهُ الْأُولَى فَالْأُولَى أَطْوَلُ، وَيُرَجِّحُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " الْقِيَامُ الْأَوَّلُ " أَوَّلُ قِيَامٍ مِنَ الْأُولَى لَكَانَ الْقِيَامُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مَسْكُوتًا عَنْ مِقْدَارِهِمَا الْأَوَّلِ أَكْثَرَ فَائِدَةً، انْتَهَى.
(ثُمَّ رَفَعَ) مِنَ الرُّكُوعِ (فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا) نَحْوَ الْمَائِدَةِ (وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ) سَجْدَتَيْنِ (ثُمَّ انْصَرَفَ) مِنَ الصَّلَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute