للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أقتلَ الناسِ ألحاظاً وأعذبَهُمْ ... رِيقاً متى كان فيك الصَّابُ والعسَلُ

في صحنِ خدِّك وهي الشمس طالعةً ... وردٌ يَزيدك فيه الرَّاحُ والخجلُ

إيمانُ حبِّك في قلبي تُجدِّده ... من خدِّك الكُتْبُ أو من لحظِك الرُّسُلُ

لو اطَّلعتَ على قلبي وجدْتَ به ... من فعلِ عينيك جرحاً ليس ينْدمِلُ

وله:

أُسامِر عِشقاً من خلائِقه القتلُ ... وحيداً ولا عهدٌ هناك ولا مطلُ

وأُصبِحُ ظمآناً وقد عقَر الظَّما ... فؤادِي ولا وَبْلٌ هناك ولا طَلُّ

وكم أخصبتْ سُحبَ الأماني مطامعي ... مَجازاً ويرميها من الوابلِ المَحْلُ

ورُبَّ عذولٍ فيه أشقَى مسامعِي ... بعذْلٍ فيالله ما صنَع العذْلُ

أقول له والطرفُ يقذف مهجتِي ... دموعاً لها من كل ناحيةٍ هَطْلُ

وبي من غرامٍ لو تجسَّم بعضُه ... ومرَّ بأهل الأرضِ لافْتتَن الكُلُّ

ترقَّى إلى قلبي بكلِّ دقيقةٍ ... جميعُ هوَى العشَّاق وانْقطع الحبلُ

السيد محمد الحصري نسيبٌ تناسب فيه المدح والنسيب، وحسيبٌ ما مثله في كرم الطباع حسيب.

له همَّةٌ سابغة المطارف، وسيادةٌ موصولةُ التَّالد بالطَّارف.

مُروَّق الأخلاق صافيها، مشمول الشمائل ضافيها.

تكاد ترى وجهك في خصاله، ولا تُغبن إذا اشتريت بنوم العيون يوم وصاله.

وله أدبٌ يطَّرد اطِّراد الغدير حفَّت به خضر الوشائع، وحديثٌ كأنه جنى النحل ممزوجاً بماء الوقائع.

وبيني وبينه وِدٌّ صميم، طيِّب العرف والشَّميم.

أستدعي الأمل لِلُقياه ولو في الأحلام، وأما اجتماعاتي معه فأكثرها تحية الرؤية والسلام.

وقد وقفت له على شعرٍ قليل، فأثبتُّ منه ما هو لرأسِ المجد إكليل.

فمنه قوله من قصيدة عارض بها قصيدة أبي الحسن علي الحصري، التي مطلعها:

يا ليلُ الصبُّ متى غَدَهُ ... أقيامُ الساعةِ موعدُهُ

ومطلع قصيدته:

صبٌّ بالهجرِ تُهدِّدُه ... قد ذاب جوًى من يُنجِدهُ

والسُّقم بَراهُ وأنحلَه ... فلِذا ملَّتْهُ عُوَّدُهُ

سهرانُ الطرفِ له رقّتْ ... في الليل نجومٌ تُسهدُهُ

وغدا يشكو من فرطِ جوًى ... يا ليلُ الصبُّ متى غَدُهُ

حتى مَ بزَورٍ تُوعده ... أقيامُ الساعةِ موعدُهُ

يهواهُ الصَّبُ فيشغلُه ... أسَفٌ للبيْن يردِّدُهُ

قمرٌ في القلبِ منازلُه ... فعجيبٌ منه تباعدُهُ

ريحانُ العارضِ فيه حوَى ... خطًّا ياقوتُ مجوِّدُهُ

في الحسنِ فريدٌ بل ملكٌ ... فتعالَى الخالقُ موجِدُهُ

طِفلٌ لحديث السحرِ غدَا ... عن بابل طرفٍ يُسنِدُهُ

رَشأٌ اللَّيثُ بمُقلتِه ... يسطو للغاب يُقيِّدُهُ

يرنو للحظِ فيحسبه ... للقتل دعاهُ مهنَّدُهُ

بالله أُعيذُك يا أملِي ... من قتلِ شجٍ تتعمَّدُهُ

وارْفُقْ بالقلبِ فإنَّ به ... جمراً قد زاد توقُّدُهُ

واسمحْ بالغمضِ لعل بأنْ ... في النومِ خيالُك يُسعِدُهُ

في قيْدِك قد أمسَى دَنِفاً ... هلاَّ في ذاك تُخلِّدُهُ

وله من قصيدة مطلعها:

خفقتْ على قلبي بنودُه ... رَشأ يعذِّبني صُدودُهْ

ساجِي اللَّواحظِ أغْيَدٌ ... كالبدرِ يسْبي الظَّبيَ جِيدُهْ

غصنُ النَّقا لما رآ ... هُ هوَى فكان لذا سجودُهْ

إن ماس في حُلَل البهَا ... تزهو لطلعتِه برودُهْ

لا غَرْوَ أن فاقَ الملا ... حَ فإنَّها طُرًّا جنودُهْ

فاللَّحظُ يُطمع بالوعو ... دِ ولفظُه يبدو وعيدُهْ

نصبت حبائِلُ أدمعي ... شركاً له فعسى يُصيدُهْ

فاصْطاد روحِي بعد ما ... قد أوثقت قلبِي قيودُهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>