للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رنا بقوامٍ كالقضيبِ ومُقلةٍ ... يجول بهُدبيها غرارٌ من السحرِ

وماس وقد حار الوشاحُ بخصره ... رَشاً لم يُطق حملَ الوشاحِ على الخصرِ

إليه تَوالاني هواه فمذْ رأى ... ولوعِي به غطَّى التَّعارفَ بالنُّكرِ

وأغفى وقد ولَّى الغرامَ مقاتِلي ... وولَّى ولم يعبأ بلومٍ ولا عذرِ

فقلتُ وقد ضاقتْ عليَّ وسائلي ... أراجِعُه الطُّولَى بفكِّ عَنا أسري

حنانيك لا تسمع مقالا لكاشحٍ ... بتنميقِه يُغوِي لمن بالجفا يُغري

على أنني رُحماك لا أحملُ الجفا ... وقد نفِدت مني الذخائرُ من صبري

وجسميَ منهوكٌ ولبِّيَ ذاهلٌ ... وقلبي أسيرٌ آهِ في قبضة الهجرِ

وعنِّي نأى زهوُ الشباب وليتَه ... يعود ويثني لي الأعنَّة بالبشرِ

وهبْ أنني أثني إلى الودِّ عَزمةً ... فأين زمانُ اليسرِ من زمن العسرِ

فيا سائلي أين الزمانُ وطيبُه ... ألا فاسألِ الأيامَ تنبيك بالخُبرِ

لقد عوَّضتني الشِّيبَ عنه وإنه ... يقال وقارٌ لو يقال بلا وقرِ

فمن بعده لم يصفُ عيشي ولم أمِلْ ... إلى لذةٍ هيهات تهتِف في الفكرِ

وجانبتُ أنحاء القريضِ وسوحَه ... بحيث أرى في سوقِه النَّضَّ كالغَرِّ

وحتى استماعي للقريضِ سئمتُه ... كأن سيمَ سعرُ الشعرِ في الوزن بالشَّعرِ

وأوحشت الآداب عني فخلتُها ... كمعنًى لمغنًى لاح كالآلِ في قفرِ

فحرَّك طبعي بعد ما كان جامداً ... على ما امتطاه من كلالٍ ومن فترِ

وآنس من طورِ المعالي مُخاطباً ... تجلَّى بأنواع المعاني على فكري

مشيراً إلى مولًى سجايا كماله ... تهلُّ سحاباً بالفضلِ والبرِّ

ويُدعى بحقٍّ بالأمين وإسمُه ... محمدُ من نسلِ الكرام بلا نُكرِ

ألا وهو مولانا المحبِّيّ إنه ... رقيق حواشي الطبع ضخم ذُرى الفخرِ

ومن فتيةٍ سادوا وشادوا إلى العلى ... دعائمَ مجدٍ نوَّرت عملَ الفجرِ

وهم في سماء السُّؤدد الشامخ الذُّرى ... سراةٌ سرَوْا حدًّا له النجمُ لا يسرِي

وإنك يا مولايَ جاوزتَ حدَّهم ... إلى مفخرٍ فوق السَّماكين والنَّسرِ

وحزتَ مجالا في المعارفِ واسعاً ... وعلماً غزيراً جلَّ مع سعةِ الصدرِ

وتهذيبَ أخلاقٍ وحسبُك نسبةً ... إلى الشرفِ المُدلي إلى المصطفى الطُّهرِ

فاًن تبدو شمسُ الأُفق قلتُ بأنَّها ... مُحيَّاك لا أغْلو وأنت بها تُزرِي

وشِعرُك أحلى في النفوسِ من المُنَى ... وأفْعَلُ بالألبابِ من قرقَفٍ بِكْرِ

وقد نِلتُ يا مولايَ أسْنَى مآثِرٍ ... تجِلُّ عن التَّعداد في الفضل بالحَصرِ

فمنها التآليفُ الحِسان التي غدتْ ... بما قد حوتْ كالدُّررِّ في لبَّةِ الدهرِ

وناهِيك بالتاريخ فضْلاً فإنه ... حَرِيٌّ بكتبِ التِّبرِ فضلاً عن الحِبرِ

لما قد حوَى أبحاثَ علمٍ أنيقةً ... تُميطُ شحوب الشكِّ كاليُسرِ للعسرِ

وتقريرَ أفهامٍ بديعٌ بيانُها ... معانِيه أسرارَ البلاغة تسْتقْرِي

وتحريرَ منقولٍ وضبطَ وقائِعٍ ... يحقِّق منها ما اسْتُريبَ من الأمرِ

كتابٌ لأهل الفضلِ زُخْرُفُ روضةٍ ... يُسيمون منها في معانٍ كما الزَّهرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>