للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاصْبِر عليه تنلْ بالصَّبر وصلته ... فالمرِّ فيه حلا والحكمُ فيه قُضِي

الحكم لله وهو العدلُ فارْضَ به ... ما يغلِب الدهرَ إلا من بذاك رضِي

في الأمثال: في الله عوض من كل فائت. قائله عمر بن عبد العزيز. ورأى أبو جعفر المعدني مكتوباً على جدار:

لكلِّ شيءٍ فقدتهُ عِوَضٌ ... وما لِفقدِ الحبيبِ من عِوَضِ

فأجازه بقوله:

وليس في الدهرِ من شدائِدِه ... أشدُّ من فاقةٍ على مرَضِ

وقوله: ما يغلب الدهر ... إلخ، منه.

لكلِّ شيءٍ مُدَّةٌ وتنقضِي ... ما غلبَ الأيَّام إلا من رَضِي

ومما ينسب إليه:

قد لامنِي الخلقُ في عِشقِ الجمالِ ولم ... يدرُو مُرادِيَ فيه آهِ لو عرفُوا

وصلتُ منه إلى الإطلاق ثمَّ سرَى ... سِرِّي إلى قيد حسنٍ عنده وقفُوا

وله تخميس الأبيات المنسوبة إلى العارف بالله تعالى أحمد الرفاعي:

أفوه إذا يشدُوا الأنامَ بشُكرِكُم ... وأكتم سرِّي لا أبوح بسرِّكُمْ

أحبَّتنا من طيبِ نشأةِ خمرِكُم ... إذا جنَّ ليلِي هام قلبِي بذِكرِكُمْ

أنوح كما ناحَ الحمامُ المطَّوقُ

عسَى ولعلَّ الدهرَ يأتي بهم عسَى ... لأشهدهُم عند الصباحِ وفي المسَا

فقلبِيَ من فقدِ الأحبَّةِ قد قسَا ... وفوقي سحابٌ يمطِر الهمَّ والأسَى

وتحتِي بِحارٌ في الهوَى تتدفَّقُ

إذا فاح من نجدٍ بقلبِي عبيرُها ... فلا عجبٌ إن قلتُ إني سميرُهَا

وإن خمدتْ نارِي فوجدِي يُثيرُها ... سلُو أمَّ عمرٍو كيف باتَ أسيرُهَا

تفكُّ الأسارَى دونه وهو موثَقُ

وفي تلفِ الأرواحِ كم لي إباحةٌ ... وفي منزلِ العشَّاقِ كم لي سياحةٌ

فيا ويحَ صَبٍّ أثْخنتْهُ جِراحةٌ ... فلا هو مقتولٌ ففي القتلِ راحةٌ

ولا هو مأسورٌ يفكُّ فيطْلقُ

وشعره كثير، ويكفي من الدلالة ما أبان الطرق، ومن القلادة ما أحاط بالعنق.

ومن فصوله القصار، الجارية مجرى الأمثال والحكم، قوله: لا يترك الوسائط، من لم يصر من البسائط.

من صدقت سريرته، انفتحت بصيرته.

طرق الله لا تحصى للإكثار، وأقربها إليه الذِّلُّ والانكسار.

الخول يذهب الحجب، والشهرة تورث العجب.

من لم يكمل عقله، لا يمكن نقله.

في القرن العاشر، احذر أن تعاشر.

في القرن العاشر من القرون، تسيء بالصالحين الظنون.

المحبَّة تصحيح النسب، وثمرة المكتسب.

الأخ من يعرف حال أخيه، في حياته وبعد ما يواريه.

إذا انفسدت أحوال الشَّريعة، فأشراط الساعة سريعة.

وله فروع بسقت في دوحة بستانه، وتروَّت بصبيب الأنواء من صوب هتَّانه.

أشرق مجدهم إشراق الشمس، وقاموا لذات الفضل مقام الحواس الخمس. فمنهم: محمد الكبير الذي لا يفي بوصفه التَّعبير.

قام بعد أبيه خليفة، واتَّخذ الزهد سميره وحليفه.

فكأنه لم يمت من خلفه، ولا غاب عن أهله من استخلفه.

فهو البقيَّة الصالحة وقد ذهب الكرام، والذَّات الفالحة اللائقة بالإكرام.

إلا أنه لم يطل عمره، ولا خلص من الوهن نهيه وأمره.

فمات ودفن عند أبيه ومربيه، فلا زالت رحمة الله تحييه وتحبيه.

ومن المعلوم أن المورد واحد، وسيان فيه ولدٌ ووالد.

وهو معدودٌ من رجال الطريق، ومنخرط في سلك ذلك الفريق.

وله فضلٌ ومجد، وأخلاق تحكي صبا نجد.

مع تبتُّلٍ وركون، وإنابةٍ إلى الله في حركةٍ وسكون.

وبالجملة فمقداره عظيم، ولكنه يقلُّ من النثر والنَّظيم.

ولم يحضرني من شعره، إلا قوله:

يا صاح إن الشِّعر يُزري بذي ال ... الحسنِ وإن كان بهيّ الجمالْ

أما ترى الأنفُسَ من شَعرةٍ ... تعافُ للماءِ الفراتِ الزُّلالْ

وهذا معنى تداولته الشعراء، والسابق إليه أبو إسحاق الغزِّي، في قوله:

يقولون ماءُ الحسنِ تحتَ عِذاره ... على الحالةِ الأولى وذاك غُرورُ

ألسنا نعافُ الشُّربَ من أجلِ شعرةٍ ... إذا وقعتْ في الماءِ وهو نميرُ

ثم خلَفه أبو السعود واسطة عقدهم المقتنى، وغصن روضتهم المجتنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>