وقوله:
كل شَمْلٍ وإن تجمَّع يوماً ... سوف يُمْنَى بفُرقةٍِ وشَتاتِ
لا ألومُ النَّوى فرُبَّ اجتماعٍ ... كان أدْنَى إلى نَوًى وثباتِ
مْثلما زِيدتِ السهامُ عُلوًّاً ... في صُدورِ العِدى بقُرِْبِ الرُّماةِ
وقوله:
باجْتلاءِ المُدامِ في الأقداحِ ... وبمرآةِ وجهِك الوَضَّاحِ
لا تذرْني على مَرارِة عيشِي ... أكْلَ وَاشٍِ ولا فريسةَ لاحِي
صاحِ كِلْني إلى المُدامِ ودَعْنِي ... والليالي تجوُل جَوْلَ القِداحِ
لا تخَفْ جَوْرَ حادثاتِ الليالي ... نحن في ذِمَّةِ الظُّبا والرِّماحِ
طَوْع أيْدِي الخُطوب رَهْن المَنايا ... تتخطَّى بها إلىَّ صِفاحِي
قلَّدتنْي من المَشِيب لجِاماً ... كفَّ رأْسِي شكيمُهُ عن جِماحِي
صاحِ إن الزَّمانَ أقصرُ عُمْراً ... من بكاءٍ بدِمْنةٍ ونُواحِ
رَقَّ عنا مَلاحِفُ الجوِّ فاسمحْ ... برقيقٍ من طَبْعك المُرتاحِ
يا مَلِيك المِلاحِ إنْ زماناً ... أنت فيه زمانُ رَوْحٍٍ ورَاحِ
طاب وقتُ الزمانِ فاشربْ عَساهُ ... يا صَباحِي يطيبُ وقْتَ الصَّباحِ
واسْقِنيها سُقِيتَ في فلَقِ الفَجْ ... رِ على نَغْمِة الطيورِ الفِصاحِ
وقوله:
خلعتْ ثوبَها على التُّفَّاحِ ... وترامتْ على خُدودِ الملاحِ
كلُّ رَيحْانةِ أرقَّ من الرَّا ... ح جَلاَ لِي شقِيقةَ الأرْواحِ
وَرْدةً فوق خَدِّه وقُروحاً ... بين جْنَبيَّ دامِياتِ الجراح
حَبَّذا مَيْعةُ الشبابِ وعيشٌ ... قد قطْعناه في ظِلال الرِّماحِ
زارني زَوْرةَ الخيالِ ووَلَّى ... في كَرَى النومِ مُزعَجاً بالصَّباحِ
لستُ أقْوَى على الجفونِ المَواضِي ... وَيْحَ نفسي من المِراضِ الصِّحاحِ
سامَح اللهُ من دَمِى وَجْنتيْهِ ... وعفَا عن بَنانِه الوَضَّاحِ
لا تُؤاخذْ جفونَه بفؤادي ... يا إلهي كلاهما غيرُ صاحِ
وقوله:
قُمْ هاتِها وضميرُ الليل منشرحُ ... والبدر في لُجَّة الظَّلْماء مسْتَبِحُ
عجِّل بها وحِجابُ الليل مُنسدِلٌ ... من قبْل يبدو لنا في وَكرِه الصُّبُحُ
واسْتضحكِ الدهر قد طال العُبوسُ به ... لا يضحك الدهر حتى يضحكَ القَدَحُ
فقام والسكرُ يعْطو في مفاصلِه ... يكاد يقطُر في أعطافِه المَرَحُ
يطوف والليلُ بالجَوْزاء مُنتطِقٌ ... بها علينا رَشاً بالحسن مُتّشِحُ
في أُسرةٍ كنجوم الليل زاهرةً ... لا يستخفُّهمُ في مَحْفَلٍ فرَحُ
ورُقْيَةٍ من عَذُول طار طائرُه ... لا الجِدُّ يَثْنيه عن لَوْمِى ولا المَزحُ
قاسمْتُه قِسْمةً ضِيزَى مواهبُها ... لِيَ الهَنا وله من دُونِيَ التَّرَحُ
وذي دَلالٍ كأنَّ اللهَ صوَّره ... من جوهرِ الحسن إلّا أنه شبَحُ
أسُوسُه وهو غضبانٌ وأبْسُطه ... والسكرُ يخْفِض من صَوْتي فينْشرحُ
بِتْنا على غِرَّةِ الواشي وغُرَّتِه ... أغْتاظ منه بلا غَيْظٍ ونصطلحُ
جعلتُ عَتْبِي إلى تقْبيله سبباً ... والسكرُ يفتح باباً ليس يْنفتحُ
حتى إذا صيَّرَتْه الراحُ طَوْعَ يدي ... صدَفتُ عن بعض ما يأْتي به النَّشَحُ
فما تبسَّم في وجه الصَّبا قدَحٌ ... حتى تنفَّس من جَيْب الدجى وَضَحُ
ودَّعْتُه وجَبِين الصبح مُنزِلقٌ ... وللظلام لسانٌ ليس يجْترحُ
ولا يطيبُ الهوى يوماً لُمْغتبِقٍ ... حتى يكون له في اليوم مُصْطَبحُ
وقوله: